مؤسسة "تيبيراري" تمنح رئيس الوزراء القطري جائزتها الدولية للسلام
مؤسسة "تيبيراري" تمنح رئيس الوزراء القطري جائزتها الدولية للسلام
يتوجّه رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الثلاثاء، إلى جمهورية أيرلندا، لتسلّم "جائزة تيبيراري الدولية للسلام"، في احتفال رسمي يُقام في مقاطعة تيبيراري الأيرلندية، تقديراً لجهوده المتواصلة في الوساطة الدولية وحل النزاعات وتعزيز جهود السلام.
وقال المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، الدكتور ماجد الأنصاري، خلال الإحاطة الإعلامية الأسبوعية التي عقدت الاثنين في الدوحة، إن الجائزة تُعد من أرفع الجوائز الدولية في مجالات بناء السلام والعدالة، وتُمنح سنوياً من قبل مؤتمر تيبيراري للسلام لأشخاص أو منظمات أسهموا بجهود إنسانية مؤثرة في التهدئة وتسوية الصراعات على المستوى العالمي.
وشدّد الأنصاري على أن نيل الجائزة يمثّل تتويجاً لسلسلة طويلة من الجهود السياسية والدبلوماسية التي قادها الشيخ محمد بن عبد الرحمن في ملفات معقدة مثل الحرب في غزة، والمفاوضات حول الاتفاق النووي الإيراني، ومحادثات أفغانستان، ومسارات التهدئة في مناطق النزاع الإفريقية، وعلى رأسها الكونغو ورواندا.
الوساطة على المستوى العالمي
أوضح أن التكريم يأتي في وقت لا تزال فيه قطر تلعب دوراً محورياً في صناعة الوساطة على المستوى العالمي، سواء من خلال القنوات الخلفية التي تؤمّن التواصل بين أطراف الخصومة، أو عبر المبادرات السياسية المدعومة من المجتمع الدولي، معتبراً أن الشيخ محمد بن عبد الرحمن "مهندس للسلام" يمثل دولة جعلت من الدبلوماسية أداةً فاعلةً لتخفيف حدة النزاعات.
وأشار الأنصاري إلى أن هذا التقدير الدولي يأتي انسجاماً مع تصدّر قطر للمؤشرات الإقليمية في مجال السلام، حيث تصدرت الدولة قائمة مؤشر السلام العالمي لعام 2025 كأكثر الدول العربية استقراراً وسلاماً، في وقت تتواصل فيه أزمات إقليمية ودولية معقّدة.
وتُعدّ جائزة "تيبيراري الدولية للسلام" واحدة من أبرز الجوائز المرموقة في العالم المخصصة للاعتراف بمساهمات الأفراد أو المنظمات التي تسهم بشكل جوهري في إرساء قيم السلم العالمي وتعزيز التفاهم والتعاون بين الشعوب.
منظمة غير ربحية
تأسست الجائزة في عام 2001 على يد منظمة "تيبيراري للسلام" غير الربحية، ومقرّها مقاطعة تيبيراري الأيرلندية، وقد نالت منذ إنشائها سمعة دولية بفضل طبيعة الفائزين بها وأثرهم الإنساني، حيث سبق أن مُنحت لعدة شخصيات ومنظمات مرموقة، من بينها:
الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) عام 2016، تكريماً لتضحياتهم في إنقاذ المدنيين من تحت الأنقاض خلال سنوات الحرب الأهلية في سوريا.
الناشط الأيرلندي مايكل لوفي، تقديراً لمساهماته في تعزيز المصالحة بين الكاثوليك والبروتستانت في أيرلندا الشمالية.
مبادرات المصالحة بين الأديان في مناطق النزاع بأيرلندا.
تُمنح الجائزة بعد عملية اختيار دقيقة من لجنة تحكيم مستقلة تضم خبراء وأكاديميين وحقوقيين دوليين في مجالات السلام وحقوق الإنسان.
أهمية رمزية للجائزة
يمثّل تسلّم الشيخ محمد بن عبد الرحمن للجائزة اعترافاً دولياً بمكانة قطر المتنامية كفاعل دبلوماسي مركزي في محيطها الإقليمي، وكمحاور موثوق به دولياً في أزمات معقّدة عجزت قوى كبرى عن التوسط فيها.
وتعكس الجائزة تطور الدور القطري من مجرد وسيط محايد إلى "صانع سياسات" يعمل على هندسة اتفاقات معقّدة، كما حصل في مفاوضات إجلاء المدنيين من غزة، أو في رعاية الحوارات بين طالبان وواشنطن، أو تسهيل التهدئة بين إيران وأوروبا في ملفات نووية شائكة.
وأكّد الدكتور الأنصاري أن استلام الجائزة هو أيضاً رسالة تقدير جماعية للشعب القطري ودبلوماسيته النشطة، وهو فرصة لتأكيد التزام الدوحة بسياسة تقوم على القوة الناعمة والحوار المستمر، بدل العنف والمواجهة، في التعامل مع ملفات المنطقة والعالم.
رصيد تراكمي وتحولات
تراكمت خبرة الدبلوماسية القطرية خلال العقدين الماضيين، من دارفور إلى لبنان، ومن غزة إلى كابول، ما منح الدوحة قدرة على المناورة والبناء في مناطق النزاع، ضمن استراتيجية تتجنب الاصطفافات الإقليمية وتستند إلى أدوات التفاوض والتفاعل الإنساني والدبلوماسي.
ويشير مراقبون إلى أن فوز وزير الخارجية القطري بالجائزة يمثل تأكيداً على انتقال قطر من مجرد "وسيط الظل" إلى "صانع سلام معترف به دولياً"، ضمن تحوّل أوسع في علاقات الخليج بالعالم بعد ما شهده من أزمات سياسية، وعلى رأسها الأزمة الخليجية (2017-2021).
وتأتي جائزة تيبيراري الدولية للسلام في سياق عالمي يشهد تصاعداً في النزاعات، من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط، ما يجعل تكريم الجهود الواقعية في الوساطة، كالتي تقودها قطر، محط أنظار المجتمع الدولي.