تقرير أممي: البلدان النامية تخسر نصف ميزانيات الصحة بسبب التهرب الضريبي
تقرير أممي: البلدان النامية تخسر نصف ميزانيات الصحة بسبب التهرب الضريبي
قال المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إن البلدان النامية تخسر حاليا ما يعادل نصف ميزانياتها المخصصة للصحة العامة بسبب التهرب من الضرائب، مشيرا إلى أن نقل الأموال إلى ولايات قضائية منخفضة الضرائب أو لا تفرض ضرائب على الإطلاق يؤدي إلى تقويض قدرة الحكومات على الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
جاء ذلك في تقرير مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان حول حلقة النقاش التي تعقد مرة كل سنتين لمجلس حقوق الإنسان بشأن الحق في التنمية، المعقودة في 18 سبتمبر 2024، المقدم للمجلس في دورته الـ58 التي تتواصل فعاليتها حتى 4 أبريل المقبل، واطلع "جسور بوست" على نسخة منه.
وركزت الحلقة على موضوع إعمال الحق في التنمية والمبررات الداعية إلى إبرام اتفاقية إطارية للأمم المتحدة بشأن التعاون الدولي في المسائل الضريبية، بهدف إبراز الترابط بين الحق في التنمية والضرائب، وتوجيه الانتباه إلى الأثر السلبي للتجاوزات الضريبية، مثل التهرب من الضرائب وتجنبها، على الحق في التنمية.
وركز المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك على العقبات التي تعترض إعمال الحق في التنمية الناجمة عن التهرب من الضرائب، مشيرا إلى توقع خسارة تريليوني دولار على مدى العقد التالي بسبب التهرب من الضرائب وهو ما يمثل عقبة واضحة تحول دون تمكن الحكومات من حشد الموارد بفعالية، لا سيما في البلدان النامية.
وأفاد المفوض السامي بأن البلدان النامية تخسر حاليا ما يعادل نصف ميزانياتها المخصصة للصحة العامة بسبب التهرب من الضرائب، وأكد أن نقل الأموال إلى ولايات قضائية منخفضة الضرائب أو لا تفرض ضرائب على الإطلاق يؤدي إلى تقويض قدرة الحكومات على الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأوضح تورك أن مكافحة التهرب من الضرائب أمر محوري في مهمة الأمم المتحدة، وأن التهرب من الضرائب يسلب الدولة قدراتها المالية، ومن ثم فهو يُضعف حافز الحكومات الوطنية على التعاون الدولي. وقد أعاق ذلك مهمة الأمم المتحدة في تحقيق التقدم الاجتماعي عبر الحدود.
وفي إشارة إلى أهمية معالجة المسائل الضريبية العابرة للحدود، أشاد المفوض السامي بعمل المجموعة الإفريقية الرامي إلى تعزيز التعاون الدولي الأكثر شمولا وفعالية في المسائل الضريبية، وعلى وجه الخصوص، كان اعتماد الإطار المرجعي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التعاون الدولي في المسائل الضريبية بواسطة اللجنة المخصصة المعنية بذلك في أغسطس 2024 خطوة مهمة في هذا الاتجاه.
وحثّ المفوض السامي جميع الدول على دعم هذه المبادرة وتشجيع المشاركة الكاملة للمنظمات غير الحكومية وأعضاء المجتمع المدني، مشيرا إلى مقترح البرازيل الداعي إلى فرض حد أدنى عالمي لمعدل الضريبة بنسبة 2 في المئة على من يُطلق عليهم اسم فاحشي الثراء، وهو إصلاح من المتوقع أن يحشد 250 مليار دولار سنويا.
وأكد المفوض السامي أهمية الشفافية في الهيكل الضريبي الدولي الجديد. فيجب على الشركات المتعددة الجنسيات أن تدفع حصتها العادلة من الضرائب في البلد الذي تعمل فيه، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال رفع الحد الأدنى العالمي لضريبة الشركات، وبالتالي منع السباق نحو أدنى مستوى من الضرائب، أي تنافس الأعمال التجارية على الصعيد العالمي من خلال خفض الضريبة القانونية على الشركات.
ويمكن أن تشمل الإصلاحات الأخرى الإبلاغ العلني عن أرباح الشركات، وفرض قيود على عمل الملاذات الضريبية، ووضع أنظمة ضريبية وطنية أكثر كفاءة.
وبالإشارة إلى إعلان الحق في التنمية، قال المفوض السامي إن وجود إطار ضريبي دولي أكثر شمولا وإنصافا سيكون في مصلحة جميع الدول للتمتع بفوائد التنمية، وسيقل التفاوت داخل الدول وفي ما بينها على حد سواء، ما يعزز نظاما عالميا أكثر سلاما واستقرارا.
وقال المقرر الخاص المعني بالحق في التنمية، إن إعمال الحق في التنمية يعتمد على الموارد المستدامة، وهو ما يمكن أن توفره الضرائب.
وأكد مجددا الاستنتاج الذي خلص إليه المفوض السامي، وسلط الضوء على أن تهرب الشركات الكبيرة المتعددة الجنسيات من الضرائب يشكل عقبة رئيسية أمام التنمية لأنه يجبر العديد من الدول على خفض الضرائب لجذب الاستثمار الأجنبي.
وأوضح أن الضرائب هي في الأساس قضية من قضايا حقوق الإنسان؛ فتحديد الجهة التي ينبغي أن تفرض عليها الضرائب وطريقة إنفاق الإيرادات المحصلة هي أمور تؤثر على إعمال جميع حقوق الإنسان، وينبغي أن يسترشد الإصلاح الضريبي الدولي بحقوق الإنسان.