تقرير أممي يسلط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في جنوب السودان

تقرير أممي يسلط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان في جنوب السودان
تصاعد العنف في جنوب السودان

ما زال انعدام آليات فعالة للمساءلة عن انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الدولي الإنساني، فضلا عن عدم الالتزام الكافي بسيادة القانون، يشجع الإفلات من العقاب على نطاق واسع في جنوب السودان. 

جاء ذلك في تقرير مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان حول المساعدة التقنية وبناء القدرات لدولة جنوب السودان، المقدم لمجلس حقوق الإنسان في دورته الـ58 التي تتواصل فعالياتها حتى 4 أبريل المقبل، واطلع "جسور بوست" على نسخة منه.

وخلال الفترة المشمولة بالتقرير، عانت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان من أزمة سيولة كان من نتائجها اعتماد عدد من تدابير التقشف التي أثرت على قدرة شعبة حقوق الإنسان على تنفيذ الأنشطة والعمليات البرنامجية التي كان مقرراً تنفيذها في الميدان بشكل تام. وبالإضافة إلى ذلك، وبسبب قيود التمويل هذه، لم يكن في مقدور الشعبة المضي قدماً في تنفيذ عدد من المشاريع الناشئة. بحسب التقرير.

وبحسب التقرير، استمر عدم الاتساق في إتاحة التمثيل القانوني للمحتجزين في إطالة فترة الاحتجاز قبل المحاكمة، فأعاق التقيد بالأصول القانونية الواجبة، وفضلاً عن ذلك، لم تكن مخصصات الميزانية لقطاع القضاء كافية، ولم يكن الموظفون مؤهلين بشكل كافٍ، وكان هناك نقص في عدد قضاة المحكمة العليا في معظم الولايات، ولم يتسنَ الوصول إلى المحاكم إلا بشكل محدود، بسبب بُعد المسافة أو انعدام الأمن في كثير من الأحيان، وأعاق بطء تنفيذ الإصلاحات القضائية إقامة العدل بفاعلية.

ولا يزال الاحتجاز التعسفي، ولفترات طويلة، من أهم الشواغل في ميدان حقوق الإنسان في جنوب السودان، وهو ناجم عن أوجه القصور في إقامة العدل، حيث يفاقم الاكتظاظ الدائم في مراكز الاحتجاز والسجون في جميع أنحاء البلد. وبالمثل، لا تزال ممارسة اعتقال أحد الأفراد واحتجازه بسبب جريمة ارتكبها شخص آخر، لا سيما إن كان فردا من أسرة المشتبه فيه، ممارسة شائعة.

وفي ولاية وسط الاستوائية، أثار اعتقال مدنيين أثناء عمليات عسكرية واحتجازهم بناء على ادعاءات غير مدعومة بأدلة بحيازة أسلحة نارية بصورة غير قانونية وبالتآمر على الحكومة قلقا كبيرا بشأن مراعاة الأصول القانونية الواجبة وطبيعة الاحتجاز التعسفية.

واستُند في معظم الاعتقالات إلى مجرد الاشتباه في دعم أولئك الأشخاص جبهة الإنقاذ الوطني أو إلى اعتبارهم متعاطفين معها. فعلى سبيل المثال، اعتقلت فرقة العمل المعنية بنزع السلاح التابعة لقوات الدفاع الشعبي لجنوب السودان في مقاطعتي كاجو كاجي ونهر بي واحتجزت تعسفا 205 مدنيين (24) امرأة و17 حدثا، كان من بينهم قادة محليون من مجتمع الكاكوا.

ولا تزال عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء التي تنفذها قوات الأمن الحكومية، تشكل مصدراً بالغاً للقلق في جنوب السودان رغم جهود المناصرة المستمرة التي تبذلها بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان لإنهاء هذه المسألة.

وفي الفترة ما بين 1 يناير و30 سبتمبر 2024، وثّقت شعبة حقوق الإنسان وتحققت من 57 حالة إعدام خارج نطاق القضاء جميعهم رجال، كان من بينهم طفل واحد، و57 فردا، من بينهم فردان نظاميان في ولاية البحيرات وولاية واراب.

ولا تزال القيود المفروضة على الحريات الأساسية سائدة في جنوب السودان، ما يؤثر على جهات فاعلة من المجتمع المدني والنشطاء السياسيين والصحفيين والعاملين في المجال الإنساني وأعضاء البرلمان الذين يعتقد أنهم ينتقدون الحكومة. 

وأدت التحضيرات للانتخابات المؤجلة إلى اشتداد قمع المعارضة السياسية واستمرار تضييق الحيز المدني والسياسي بتقييد الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات، بما في ذلك الحق في المشاركة في العملية السياسية.

وقالت المفوضية إنه تم إسكات الأصوات المعروفة لدى الناس بواسطة الرقابة على وسائل الإعلام، لا سيما في ما يتعلق بالقضايا البالغة الأهمية، وبمنع الحصول على المعلومات وبفرض قيود غير معقولة على التجمع السلمي وبتهديد وترهيب الجهات الفاعلة في المجتمع المدني التي تجاهر بآرائها. 

وفي الفترة ما بين يناير وأكتوبر 2024، وثّقت شعبة حقوق الإنسان 51 انتهاكاً لحرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي، طالت 269 فرداً من بينهم عشر نساء، ما أثّر سلبا على الحيز المدني والسياسي، ومن جملة تلك الانتهاكات 25 حالة اعتقال تعسفي واحتجاز تعسفي كان ضحيتها نشطاء من المجتمع المدني ونشطاء سياسيون، طالت 61 فرداً من بينهم تسع نساء؛ و17 حالة ترهيب، بما فيها تهديدات بالقتل تلقاها فاعلون من المجتمع المدني طالت 23 شخصاً من بينهم امرأة واحدة.

ولا يزال العنف الجنسي المرتبط بالنزاع يتخذ وسيلةً للانتقام أو كـ"تكتيك" لتهجير السكان وترويعهم في جنوب السودان.. وترتكبه الأطراف التقليدية في النزاع وجماعات مسلحة أخرى وميليشيات مجتمعية وجماعات دفاع مدني وعناصر مسلحة مجهولة الهوية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية