«هيومن رايتس» تحذّر من تقويض استقلال القضاء والحريات في سوريا

«هيومن رايتس» تحذّر من تقويض استقلال القضاء والحريات في سوريا
سوري يحمل علم بلاده الجديد

أثار الإعلان الدستوري الذي وقّعه الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في 13 مارس موجة قلق واسعة في الأوساط الحقوقية، وسط تحذيرات من أن الوثيقة التي يُفترض أن تؤسس لمرحلة انتقالية قد تمنح السلطة التنفيذية صلاحيات واسعة على حساب استقلال القضاء والحريات الأساسية.

حذّرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في بيان من أن الإعلان يمنح الرئيس سلطات استثنائية تشمل التعيينات القضائية والتشريعية دون أي ضوابط رقابية، ما يهدد مبدأ الفصل بين السلطات.

وأكد آدم كوغل، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة -وفقًا لما أورده موقع قناة الحرة الخميس- أن هذه الصلاحيات "تعزز قبضة السلطة التنفيذية في وقت حساس من تاريخ سوريا"، مطالبًا بوضع آليات واضحة للمساءلة لمنع إعادة إنتاج الحكم الاستبدادي.

غياب التوازن بين السلطات

تنص الوثيقة الدستورية على مرحلة انتقالية مدتها خمس سنوات تنتهي بإقرار دستور دائم وتنظيم انتخابات في سوريا، لكنها تمنح الرئيس صلاحيات واسعة، أبرزها: تعيين جميع أعضاء المحكمة الدستورية العليا دون إشراف برلماني، ما يقوّض استقلال القضاء، كما تتضمن اختيار أعضاء البرلمان الانتقالي، حيث يعيّن الثلث بشكل مباشر، في حين يتم اختيار الثلثين عبر لجنة يشكلها بنفسه، ما يعزز سيطرته على السلطة التشريعية، بالإضافة إلى وجود سلطة مطلقة على الحكومة، إذ يملك الرئيس صلاحية تعيين الوزراء وإقالتهم دون رقابة برلمانية، وهو ما يكرس مركزية الحكم ويحد من الشفافية والمساءلة.

وأوضحت المنظمة أنه رغم أن الإعلان الدستوري يتضمن مواد تدعو إلى إلغاء القوانين الاستثنائية من عهد الأسد، وإبطال أحكام في قضايا الإرهاب، واستعادة ممتلكات مصادرة، إلا أن غياب الإشراف المستقل يثير الشكوك حول تنفيذ هذه الإصلاحات بفعالية، كما أن نصوصًا مثل حظر التعذيب والإخفاء القسري تبدو إيجابية، لكنها تفقد قيمتها في ظل سيطرة السلطة التنفيذية على القضاء وفق المنظمة.

قيود على حرية التعبير

ولفتت المنظمة إلى أنه من أخطر المواد المثيرة للجدل المادة 49(3)، التي تجرّم "تمجيد نظام الأسد البائد ورموزه" أو "تبرير أو التهوين من جرائمه"، ورغم أن الغاية الظاهرة منها هي حماية العدالة الانتقالية، فإن الصياغة المبهمة قد تُستخدم لتقييد حرية التعبير ومعاقبة المعارضين السياسيين.

ودعت "هيومن رايتس ووتش" السلطات السورية إلى إعادة النظر في الإعلان وإدراج ضمانات لاستقلالية القضاء وتعزيز الرقابة التشريعية، لضمان انتقال ديمقراطي حقيقي، وأكد كوغل: "يجب ألا تكون المرحلة الانتقالية غطاءً لترسيخ الحكم السلطوي مجددًا، بل فرصة حقيقية لبناء نظام ديمقراطي قائم على احترام الحقوق وسيادة القانون".

يذكر أن الإعلان الدستوري جاء في ظل تغييرات جذرية شهدتها سوريا، بعد أن أطاحت فصائل معارضة، بقيادة هيئة تحرير الشام التي يترأسها الشرع، بحكم عائلة الأسد، إثر هجوم بدأته من شمال غرب سوريا في أواخر نوفمبر، وانتهى بدخول دمشق في الثامن من ديسمبر الماضي ويتضمن "مجموعة واسعة من الحقوق والحريات، من بينها حرية الإعلام والصحافة، وضمان حقوق المرأة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية"، وفق وكالة أنباء “سانا”.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية