باحثة حقوقية لـ«جسور بوست»: إيران تواصل سياسة «الحرمان الطبي» بحق نرجس محمدي
باحثة حقوقية لـ«جسور بوست»: إيران تواصل سياسة «الحرمان الطبي» بحق نرجس محمدي
أكدت بهار صبا، كبيرة باحثي الملف الإيراني في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، أن المدافعة البارزة عن حقوق الإنسان، نرجس محمدي، لا تزال تتعرض لضغوط مكثفة من السلطات الإيرانية لإعادتها إلى سجن "إيفين"، رغم وجودها حالياً خارجه لتلقي العلاج، وتأتي هذه المحاولات في تحدٍّ صريح لتوصيات الأطباء الذين شددوا على ضرورة بقائها خارج السجن لتلقي رعاية طبية منتظمة، تشمل فحوصات حيوية لأمراض القلب والانزلاق الغضروفي وآلام حادة في الظهر والركبتين.
حرمان ممنهج من العلاج
قالت صبا في تصريح خاص لـ"جسور بوست" إن نرجس محمدي سُجنت فقط بسبب نشاطها الحقوقي، مشيرةً إلى أن السلطات تسعى لإسكاتها، سواء داخل السجن أو خارجه، وأضافت أن محمدي استغلت فترة الإفراج المؤقت عنها لتسليط الضوء على أزمة حقوق الإنسان في إيران، وهو ما أثار حفيظة النظام، ووصفت الضغط الحالي لإعادتها للسجن، وحرمانها من إجازة طبية ضرورية، بأنه جزء من سياسة موسعة وثّقتها "هيومن رايتس ووتش"، تقوم على حرمان السجناء السياسيين من الرعاية الصحية كوسيلة للانتقام وكتم الأصوات المعارضة.
سجينات أخريات في خطر
أشارت صبا إلى أن نرجس محمدي ليست حالة معزولة، إذ تعاني عشرات السجينات السياسيات مثل زينب جلاليان وفاطمة سبهري من الإهمال الطبي المتعمد، ما يعرض حياتهن للخطر، وأوضحت أن هذه السياسات لا تستهدف فقط الأجساد، بل تسعى إلى كسر الإرادة واستنزاف الصمود، كما كشفت أن محمدي عانت -قبل الإفراج المؤقت- حرماناً طويلاً من العلاج، رغم إصابتها بأمراض مزمنة تستدعي متابعة طبية عاجلة.
إيران تُصعّد انتهاكاتها الحقوقية
رصدت منظمات حقوقية خلال عام 2024 تنفيذ السلطات الإيرانية لما يقارب ألف عملية إعدام، كان أكثر من نصفها مرتبطاً بقضايا مخدرات، وهو ما يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الذي لا يجيز العقوبة القصوى في مثل هذه القضايا، وذكرت صبا أن السلطات تستخدم الإعدام أداةً للترهيب السياسي، خاصة بحق المعارضين والنشطاء.
تعاني النساء والفتيات في إيران تصعيداً في العنف الرسمي ضدهن، ولا سيما اللائي يرفضن الحجاب الإلزامي أو يشاركن في احتجاجات سلمية، ولفتت صبا إلى أن أولاء النساء يتعرضن للاعتقال والملاحقة، إلى جانب تدابير تعسفية مثل سحب حقوقهن المدنية، وحجز سياراتهن، وحرمانهن من الخدمات الأساسية.
تحقيق أممي موسع
ذكرت صبا أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة اتخذ في 3 أبريل 2024 قراراً وصفته بـ"التاريخي"، يقضي بتمديد ولاية بعثة تقصي الحقائق بشأن إيران، مع توسيع صلاحياتها لتشمل التحقيق في انتهاكات جسيمة جارية، وليس فقط تلك المرتبطة باحتجاجات 2022، وأوضحت أن القرار يعكس خطورة الوضع الحقوقي في إيران، ويؤكد الحاجة الملحّة لوضع حد لسياسة الإفلات من العقاب.
تُعد نرجس محمدي، الحائزة جائزة نوبل للسلام عام 2023، واحدة من أبرز المدافعات عن حقوق الإنسان في إيران، عُرفت بنشاطها ضد عقوبة الإعدام ودفاعها عن حرية التعبير وحقوق النساء، وقضت سنوات داخل سجن "إيفين" سيئ السمعة، كما تعرضت لأكثر من اعتقال بسبب نشاطها السلمي، وتواجه إيران انتقادات دولية واسعة لسجلها الحقوقي السيئ، ولا سيما في ما يتعلق بمعاملة السجناء السياسيين، واستخدام التعذيب والإهمال الطبي كأدوات قمع.
قضت نرجس محمدي أكثر من 10 سنوات في السجون الإيرانية، وحُكم عليها بأكثر من 36 عاماً من السجن و154 جلدة، مع تعرضها للحبس الانفرادي لمدة 135 يوماً.
ورغم ذلك، نالت جوائز دولية عدة تقديراً لنضالها، منها جائزة نوبل للسلام، وجائزة يونسكو لحرية الصحافة، وجائزة منظمة "مراسلون بلا حدود" لشجاعة الصحفيين.