100 يوم من حكم ترامب.. حقوق الأقليات في مهب رياح «الانتهاكات»
100 يوم من حكم ترامب.. حقوق الأقليات في مهب رياح «الانتهاكات»
خلال 100 يوم من حكم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، شهدت الأقليات في الولايات المتحدة تهديدات تارة لحقوقهم وأخرى تجاهل وتزايد جرائم الكراهية على نحو أثار انتقادات ومخاوف واسعة دعت البعض للهجرة من أمريكا خشية مواقف يمينية متطرفة.
ويرى خبراء في الشأن الأمريكي والحقوقي تحدثوا لـ"جسور بوست"، أن ترامب في خلال المئة الأولى من حكمه لم يعط أي اهتمام لحقوق الأقليات، بل أصدر قرارات ومواقف ضدهم، معربين عن خشيتهم تداعيات وأزمات جراء تجاهل تلك الحقوق.
وقبل مغادرة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن السلطة وتسلم ترامب، أطلق البيت الأبيض في ديمسبر الماضي أول استراتيجية وطنية لمكافحة «الإسلاموفوبيا»، بعد أكثر من عام على مقتل الطفل المسلم من أصل فلسطيني وديع الفيومي.
ووصف الرئيس الأمريكي السابق في مقدمة الاستراتيجية، الهجوم على الطفل، بأنه "عمل شنيع"، رافضاً ارتفاع جرائم الكراهية ضد المسلمين والعرب والتمييز والتنمر، وأضاف "يستحقّ المسلمون والعرب العيش بكرامة، والتمتع بكل الحقوق إلى أقصى حدّ، جنباً إلى جنب مع جميع الأمريكيين».
وتوقع جيم زغبي، مؤسس المعهد العربي-الأميركي، أن تتخلّى إدارة ترامب المقبلة عن هذه الاستراتيجية، تزامناً مع حديث الأخير بأنه سيمنع دخول أي شخص يشكك في حق إسرائيل في الوجود، وسيلغي تأشيرات الطلاب الأجانب "المعادين للسامية"، وفق ما نقلته وكالة "رويترز" آنذاك.
وبالفعل منذ تسلم ترامب السلطة في 20 يناير الماضي انطلق في تطبيق تهديداته ضد الأقليات التي لم تنل العرب والمسلمين فقط، بل نالت شرائح عدة في ملفات عدة على النحو الآتي:
التسلسل الزمني
في يناير الماضي، أصدر ترامب أمراً تنفيذياً ضد الأقليات الجنسية، يقضي بعدم السماح للأفراد الذين يعلنون هوية جنسية تختلف عن جنسهم عند الولادة بالخدمة في الجيش.
وفي فبراير الماضي، أصدر ترامب، أمراً تنفيذياً، لمكافحة ما يسمى بـ"معاداة السامية"، وتعهد بترحيل الأفراد الذين للحراك الطلابي المناوئ لإسرائيل.
وأدانت هيئة محلفين في ولاية إلينوي الأميركية في نهاية فبراير جوزيف تشوبا (73 عاماً) بارتكاب تهمتي القتل وجريمة الكراهية في جريمة طعن في أكتوبر 2023 أسفرت عن مقتل طفل فلسطيني أميركي يدعى وديع الفيومي يبلغ من العمر ستة أعوام.
ولم يعلق ترامب أيضاً على هذا الأمر ولم يدن المتهم الذي يواجه عقوبة السجن مدى الحياة عندما يصدر الحكم عليه في مايو بتهمة ارتكاب جريمة قتل، قال ممثلو الادعاء إنها مدفوعة بكراهية المسلمين.
وأعرب ترامب، في تصريحات يوم 8 فبراير عن استيائه من أداء مصلحة الهجرة، وأنها لا تقوم بترحيل عدد كافٍ من المهاجرين غير الشرعيين، في ظل تمسك الرئيس الأمريكي بتنفيذ أكبر حملة ترحيل للمهاجرين غير الشرعيين الذين يراوحون بين 10.5 مليون و11.7 مليون شخص ووفقًا لتقديرات سابقة لمركز "بيو" للأبحاث.
وبحسب وكالة رويترز، قامت إدارة ترامب بالفعل بترحيل نحو 37 ألف و66 شخصاً -حتى الآن- خارج الولايات المتحدة، خلال الشهر الأول من عهد الولاية الثانية للرئيس الجمهوري، وسط مخاوف مستمرة من تلك القرارات من الأقليات.
وسبق أن توعد المهاجرون الصينيون في الولايات المتحدة الذي يتجاوز عددهم 241 ألفاً بحسب تقارير لتسليم رسالة إلى ترامب تحثه على الامتناع عن ترحيلهم من البلاد، وفقًا لما ذكرته صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" قبل تسلم منصبه.
وقال موقع ميديا بارت الفرنسي في 11 فبراير، إن الإدارة الجديدة التي شكلها الرئيس دونالد ترامب بدأت بعد مدة قصيرة من وصولها إلى السلطة في تنفيذ تدابير صادمة ضد الأقليات تحت ذريعة مكافحة "الأيديولوجية المستيقظة" والدفاع عن القيم الأميركية التقليدية، وبهدف إقصاء النساء والأقليات والأشخاص المحرومين من الدوائر الأكاديمية.
وحظر وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث في 21 فبراير استخدام الموارد للاحتفال بشهور الأقليات المختلفة، بما في ذلك شهر تاريخ السود.
وفي مارس الماضي، دعم ترامب قرارات اعتقال الطلاب على خلفية أرائهم، وكتب على منصة “Truth Social”.. "بعد أن وقعت أوامري التنفيذية، اعتقلت وكالة الهجرة واحتجزت محمود خليلي، طالب أجنبي متطرف مؤيد لحماس في حرم جامعة كولومبيا"، وهذه أول عملية اعتقال وهناك الكثير على الطريق".
وأعلن مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية، في 11 مارس الماضي أن التمييز والهجمات المناهضة للمسلمين والعرب الأمريكيين قفز 7.4% في 2024 بسبب تزايد رهاب الإسلام (الإسلاموفوبيا) الناجم عن حرب إسرائيل في غزةـ والاحتجاجات التي نتجت عنها في جامعات بالولايات المتحدة.
وبخلاف واقعة الطفل وديع الفيومي، تشمل الحوادث الأخرى في الولايات المتحدة التي تثير القلق إزاء التمييز ضد العرب، محاولة إغراق فتاة فلسطينية أمريكية عمرها ثلاث سنوات في تكساس، وطعن رجل فلسطيني أمريكي في تكساس، وضرب رجل مسلم في نيويورك، وإطلاق النار في فلوريدا على زائرين إسرائيليين ظن المشتبه به أنهما فلسطينيان، بحسب المجلس.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في 14 مارس، فإن إدارة ترامب تدرس فرض حظر السفر على 43 دولة، بينها دول عربية وإسلامية، في خطوة تُذكّر بقراره الشهير عام 2017، الذي عُرف إعلاميًا بـ"حظر المسلمين" بعدما استهدف قراره بولايته الأولى المسافرين من سبع دول ذات أغلبية مسلمة، وهي: إيران، العراق، ليبيا، الصومال، السودان، سوريا، واليمن.
وأفاد تقرير نقلته فرانس 24 في نهاية مارس الماضي، أن أمريكيين بعضهم اختاروا من أصول مكسيكية، مغادرة بلادهم والاستقرار في المكسيك، هرباً من سياسات ترامب، مرددين عبارة واحدة: "الولايات المتحدة تتراجع".
وبحسب التقرير ذاته، انتقلت تيفاني نيكول، المستشارة المالية البالغة من العمر 45 عاماً، إلى مكسيكو بعد مقتل جورج فلويد على يد الشرطة الأمريكية في مايو 2020، وقالت: "لم أعد أشعر بالأمان في بلدي كشخص من ذوي البشرة السوداء.
وفكرت تيفاني في العودة إلى شيكاغو لرؤية ابنتها، لكن فوز ترامب مجدداً بدد آمالها، مضيفة: "الآن أفكر في كيفية إخراجهم من البلد".
واتهم لي خيمينيز، مدرب اليوغا والمؤثر الرياضي البالغ 38 عاماً، ترامب بإطلاق العنان للعنف ضد السود، واللاتينيين، ومجتمع الميم. وقال: "أصبحت ألاحظ التمييز حتى في التفاصيل الصغيرة. عدت مؤخرًا من لوس أنجلس، حيث أجبروني وأصدقائي، جميعنا من السود، على الجلوس في الخلف داخل مطعم فاخر رغم توفر أماكن أفضل، فلم أعد أرى مقر إقامتي في الولايات المتحدة. الحلم الأمريكي اضمحل، وفي المكسيك أعيش بهدوء".
ووصل أوسكار غوميز، مستشار إدارة الشركات البالغ 55 عاماً، إلى مكسيكو قبل ثلاثة أسابيع، بعد أن حمل سبع حقائب وكلبه إيغي، مدفوعاً بعودة ترامب إلى الحكم. وقال: “ولايته الأولى كانت مرعبة، وعندما أتابع أخبار أمريكا أشعر بالارتياح لأنني لست هناك”.
وأوضح غوميز أن دخله تراجع بعد إلغاء برامج التنوع التي كان يعمل معها، مضيفاً: "من سخرية القدر أن أهلي غادروا المكسيك إلى الولايات المتحدة بحثاً عن حياة أفضل، وأنا اليوم أعود إلى المكسيك للسبب نفسه".
تجاهل ومطاردات
قال الدكتور مهدي عفيفي، عضو الحزب الديمقراطي الأمريكي والباحث والمحلل السياسي، إن حقوق الأقليات في الـ100 يوم لم تشهد إلا انتهاكات لافتة مثل مطاردات من الشرطة ضد المهاجرين وتوقيف بعضهم.
ولفت الدكتور عفيفي، في تصريح لـ“جسور بوست”، إلى أن إدارة ترامب أيضاً أطلقت يد الشرطة في ملاحقة الشخصيات الفاعلين في القضية الفلسطينية والسماح للقوى الأمنية بمحاولة إسكات أي نقد للإدارة الأمريكية وإسرائيل.
فيما قال الحقوقي الدولي، عبد المجيد مراري، إن "قضايا حقوق الإنسان، ولا سيما المتعلقة بالأقليات لا يعير ترامب لها اهتماماً على الإطلاق وليس من أولوياته وليست من ثقافته فهو رئيس جاء من عالم آخر هو عام المال والأعمال ويميل للصفقات وليس الحقوق".
وأكد مراري، لـ"جسور بوست"، أن ترمب مس حقوق الأقليات من المهاجرين ورغم تصاعد جرائم الكراهية والعنصرية ضد العرب والمسلمين لم يعطِ اهتمام لهذه القضايا الحساسة، بل استخدام قرارات ضد من يراهم يعادون إسرائيل، بل يخطط لقرارات ضد القادمين من دول ذات أغلبية مسلمة.
ولم يقدم ترامب -بحسب الحقوقي عبد المجيد مراري- إصلاحات تدعم حقوق السود، واكتفي في مرات سابقة لانتقادهم دون موقف واضح إزاء مواقف الشرطة ضدهم، مشدداً على أنه ركز على عناوين في الهجرة تتناقض مع حقوق الأقليات.
وأشار إلى أن ترامب له قاعدة انتخابية محافظة ومعادية للأقليات ومن الصعب أن يتخذ قرارات تدعم حقوق الأقليات لعدم خسارة قاعدته التي بنى عليها مشواره السياسي، مشيراً إلى أن ذلك التجاهل لحقوق الأقليات والتعامل باللامبالاة قد يثير أزمات داخل المجتمع الأمريكي.