سوريون من "حمص".. قصص أمل وشجاعة واجهت الحرب والفقر والجوع
سوريون من "حمص".. قصص أمل وشجاعة واجهت الحرب والفقر والجوع
يحمل "أسامة" بحنان ابنه الصغير الذي ابتسم بخجل أمام زوار الأمم المتحدة، قائلا: "أنا سعيد لأنني أستطيع إطعام أسرتي وبيع الحليب والجبن في السوق".
تلقى "أسامة"، وهو أب يعيل أسرته، المساعدة المعيشية المنقذة للحياة، هو وخمسة وسبعون من الأسر في ريف حمص، في مجال الزراعة والثروة الحيوانية.
بتمويل من صندوق الإسكان الاجتماعي، تلقى "أسامة"، خمسة أغنام، وهو الآن يملك ستة، إذ أنجبت إحدى النعاج بعد أن استقرت في منزله الجديد.
يتذكر "أسامة" الذي يسكن منطقة تلدو، في ريف حمص كيف وصل بهم الحال بعد أن تضرر ما يقرب من 90% من شبكة الري المحلية بشدة خلال الحرب، مما أثر بشكل كبير على سبل عيش المزارعين.
يقوم مشروع ممول من صندوق الإسكان الاجتماعي بدعم من برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو) بتزويد أربع قرى بالمياه للري، حيث يستفيد 20 ألف شخص من المشروع الآن، ولم يعودوا مضطرين للاعتماد على بدائل باهظة الثمن، مثل نقل المياه بالشاحنات.

ويدعم مشروع المساعدة الغذائية وسبل العيش للأسر السورية 658 أسرة (نحو 3290 شخصًا؛ نحو 494 منهم رجال و987 امرأة و905 فتيان و904 فتيات)، بما في ذلك ما يقرب من 494 من الذين دعمهم المشروع لديهم إعاقة، حيث تقدم قسائم غذائية في عدة مناطق، بما في ذلك ريف حمص.
وفي زيارتها لحمص، التقت مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، جويس مسويا، أشخاصاً تضرروا من الأزمة السورية، واستمعت إلى نضالاتهم وسمعت آمالهم.
تروي مسويا ما شهدته في حمص قائلة: "تعرضت حمص، لضربة شديدة جراء الأزمة، التي دخلت عامها الثاني عشر.. تعرضت لقدر مروّع من الدمار.. كل مبنى تقريبًا يحمل ندوب الحرب، وأحياء بأكملها، كانت تعج بالنشاط في يوم من الأيام، أصبحت الآن مهجورة وخاوية بشكل مخيف".
وفي الوقت الذي يحتاج أكثر من خمس سكان حمص إلى المساعدة الإنسانية، تدعم الأمم المتحدة وشركاؤها في المجال الإنساني تلك الاحتياجات هائلة لما يقرب من 1.5 مليون شخص يعيشون في المحافظة.
تقول "سحر" وهي شابة تعبر عيناها عمّا يخفيه سلوكها الرزين، إنها واحدة من العديد من النساء اللاتي يزرن بانتظام مركز كفر لاها المجتمعي، والذي يعمل بدعم وتمويل من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وأضافت سحر: "كنت أعمل باليومية من قبل، بالكاد أقوم بتغطية نفقاتي، كان أجر يومي بالكاد يكفي لشراء أدوية لطفلي لتخفيض الحمى، الآن يمكنني إعالة عائلتي من خلال خياطة الملابس لأطفال المدارس، وهي مهارة تعلمتها في مركز كفر لاها".
افتتح المركز، الذي تديره الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في إبريل 2021 ويخدم منطقة تلدو الواقعة في ريف حمص بأكملها.
وتشمل خدمات المركز الدعم القانوني للناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي وكذلك خدمات التعليم والتدريب.
تقول "سحر" قبل الأزمة، كان عدد سكان المنطقة نحو 122 ألف نسمة، الآن أصبح عددهم 69875 شخصًا فقط.
وزارت "مسويا" مدرسة ثانوية في حي دير بعلبة، والتي أعيد تأهيلها مؤخرًا بتمويل من صندوق سوريا الإنساني (SHF)، وهي آلية توفر تمويلًا مرنًا وغير مخصص.
وتعرضت أكثر من مدرسة واحدة من كل ثلاث مدارس للضرر أو التدمير أو يتم استخدامها لأغراض أخرى، وفي بعض المواقع، بما في ذلك حمص، يمكن أن تصل أحجام الفصول الدراسية إلى 150 طالبًا لكل معلم.
وفي نهاية زيارتها، قالت مسويا: "لقد تأثرت بشدة بمرونة وقوة الأشخاص الذين قابلتهم في حمص.. لقد عانى الشعب السوري معاناة كبيرة وهو يستحق أن يعيش حياة سعيدة وصحية ومرضية.. لا يمكننا أن نغض الطرف عن محنتهم.. أنا ممتنة للغاية للمانحين على دعمهم، ولكن هناك حاجة ماسة إلى المزيد من التمويل.. يجب أن نتحرك الآن لإنقاذ الأرواح ".
يذكر أن هناك 14.6 مليون شخص في سوريا بحاجة إلى مساعدات إنسانية، ويعاني ما يقدر بنحو 12 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، في العام الماضي، قدمت الأمم المتحدة مساعدات إنسانية إلى 7.3 مليون شخص كل شهر، وهو ما يمثل نصف العدد الإجمالي للأشخاص المحتاجين.
وطالب المجتمع الإنساني السوري بـ4.4 مليار دولار أمريكي للفترة 2022-2023، وحتى الآن تم تمويل النداء بنسبة 9% فقط.