مقهى قرب الحدود الكورية يجمع بين التحصينات والأحلام بالسلام

مقهى قرب الحدود الكورية يجمع بين التحصينات والأحلام بالسلام
مقهى قرب الحدود الكورية

يجتذب مقهى "داونسوب" الواقع في مدينة باجو الكورية الجنوبية زبائنه ليس فقط بما يقدّمه من مشروبات شهية، بل أيضًا بموقعه الفريد الذي يتيح لرواده التأمل في كوريا الشمالية من خلف الأسلاك الشائكة، إذ لا يفصلهم عنها سوى أقل من كيلومترين من الأراضي المحظورة.

اختير موقع المقهى الذي افتُتح عام 2022 بدقة، وجاءت موافقة السلطات عليه مشروطة بإنشاء تحصينات عسكرية، شملت ملجأ يضم 25 كوّة مواجهة للشمال وأربعة مواقع مخصصة لتَمركز الدبابات، نظراً لقربه الحساس من الحدود التي لا تزال تصنَّف "خطاً أمامياً" منذ أن توقفت الحرب الكورية عام 1953 بهدنة لا تزال سارية، وفق وكالة "فرانس برس".

وقالت مؤسسة المقهى لي أوه سوك، البالغة 63 عاماً وهي من أبناء لاجئين من الشمال، إن اختيار هذا المكان يمثل وفاءً لذكرى والديها، اللذين توفيا قبل أن يتمكنا من العودة إلى مسقط رأسيهما، وأضافت: "اخترنا مكاناً قريباً جداً من الشمال، كي لا ننساهم أبداً".

طريق مقطوعة وأصوات متبادلة

يمتد تحت واجهة المقهى الزجاجية "طريق الحرية" (جايو رو)، الذي يفترض أن يربط في المستقبل بين سيئول وبيونغ يانغ، لكنه يتوقف اليوم على مسافة قصيرة من باجو. 

وعلى ضفته تسير السيارات تحت حراسة مشددة من الأسلاك الشائكة، بينما تحذّر لافتات من أن المنطقة العسكرية القريبة تطلق النار على أي متسلل يُشتبه به.

وفي الليل، تبث مكبرات الصوت من كوريا الشمالية أصواتاً مرعبة تشبه عواء الذئاب، كردٍّ على موسيقى البوب الكورية الجنوبية التي تُشغَّل نهاراً.

منطقة تدريب ومعرض فني

يحوَّل المخبأ الدفاعي في المقهى مرة واحدة سنوياً إلى موقع لتدريبات عسكرية، لكنه في بقية الأيام يُستخدم كقاعة عرض لأعمال الفنان الكوري كيم داي نيون، المعروف بـ"داني كيم"، والذي يعبّر برسوماته عن آلام الانقسام وآمال التوحيد. 

وقال كيم، الذي عمل سابقاً في رئاسة لجنة الانتخابات الوطنية، إن هذه المساحة "صُممت للقتال، لكنها بالنسبة لي مكان للسلام والحرية".

وتُظهر لوحاته جسوراً خيالية تمتد بين شطري البلاد، وسماعات لإلغاء الضوضاء تعبيراً عن رفض الحرب والدعاية، بينما طُليت جدران مواقع الدبابات بألوان الفصول الأربعة لإضفاء روح فنية على منشآت الحرب.

اللاجئون والحنين

ويستقطب المقهى عدداً من اللاجئين من كوريا الشمالية خلال الأعياد مثل رأس السنة القمرية وعيد الحصاد، حيث يجلسون على الشرفة متأملين أرضهم على الجانب الآخر من نهر إيمجين، إذ لا يعبره اليوم سوى طيور الكركي والبلشون.

ورغم أهمية الموقع، تلاحظ صاحبة المقهى أن كثيراً من الزبائن لا يدركون أنهم على مشارف الحدود، قائلة: "أغلب الناس نسوا أن كوريا منقسمة، لكن عندما يأتون إلى هنا، يُصدمون بواقع لم يعُد يذكرهم به شيء في حياتهم اليومية".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية