"الغارديان": من الأمل إلى الخوف.. كيف أصبحت الصحافة في إثيوبيا هدفاً للقمع؟
"الغارديان": من الأمل إلى الخوف.. كيف أصبحت الصحافة في إثيوبيا هدفاً للقمع؟
تحوّلت إثيوبيا في سنوات قليلة من بلد يحتفل بالإصلاحات الديمقراطية إلى دولة تُضيق الخناق على الإعلام، حيث كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية، أن مئات الصحفيين اعتُقلوا أو فرّوا إلى المنفى منذ وصول رئيس الوزراء آبي أحمد إلى السلطة.
وفق تقرير نشرته "الغارديان" الاثنين، فقد تبددت آمال حرية الصحافة في عام 2020 مع اندلاع الحرب في إقليم تيغراي شمال البلاد، حيث فرضت الحكومة قيودًا مشددة على تغطية الصراع، ومنعت الوصول إلى المنطقة، وقطعت خدمات الهاتف والإنترنت، بالتوازي مع تصنيف المتمردين كـ"إرهابيين" وتقديم الحرب على أنها مجرد "عملية إنفاذ قانون".
قمع بحجة الأمن القومي
شنّت السلطات الإثيوبية حملة على وسائل الإعلام المستقلة، متذرعةً بحماية الأمن القومي، وعلى مدار عامين من الصراع، قُتل نحو 600 ألف شخص، وتعرضت نسبة تُقدّر بـ10% من نساء تيغراي اللواتي تراوح أعمارهن بين 15 و49 عامًا للاغتصاب، وفقًا لتقارير أممية.
وفقًا لتقرير "مراسلون بلا حدود"، هبط تصنيف إثيوبيا من المرتبة 110 عام 2019 إلى المرتبة 145 في عام 2024 من بين 180 دولة، بسبب الاعتقالات الجماعية والترهيب الذي طال العاملين في المجال الإعلامي.
وقال أحد الصحفيين الإثيوبيين: "بدأت معاناتي منذ أول يوم في الحرب، عندما نشرت مقالًا عن انزلاق البلاد نحو صراع أهلي، تعرّضتُ لحملة تشويه على مواقع التواصل من موالين للحكومة وصفوني بالمرتزق وعميل المخابرات الأمريكية".
ومع تصاعد التهديدات الإلكترونية، تحوّلت حياته إلى جحيم: "كانوا يشاركون صورتي ويهددونني في الشارع، يقولون إنهم سيأتون لقتلي.. كانوا يعرفون عنواني، وأين أعيش. لم أعد أشعر بالأمان حتى في مطعم أو موقف سيارات".
الصحافة تدفع الثمن
رغم انتهاء حرب تيغراي، استمر قمع الإعلام في مناطق أخرى من إثيوبيا مثل أمهرة، وتقول لجنة حماية الصحفيين إن 12 صحفيًا يقبعون خلف القضبان في إثيوبيا، ما يجعلها من بين أسوأ الدول في القارة الإفريقية من حيث سجن الصحفيين.
قُتل صحفيان خلال السنوات الأخيرة، من بينهم داويت كيبيدي أرايا، مراسل قناة تيغراي، الذي اغتيل قرب منزله برصاص مجهولين، وفي عام 2022، تعرضت محطة "ديميتسي ووياني" في تيغراي لهجوم بطائرة مسيّرة.
ترحيل واتهامات بالإرهاب
رحّلت السلطات مراسلين أجنبيين يعملان لمجلتي الإيكونوميست ونيويورك تايمز. كما ألقت القبض على صحفي إثيوبي فرّ إلى جيبوتي، واتهمته بالإرهاب بسبب تغطيته للاشتباكات في إقليم أمهرة.
بعد صعود آبي أحمد إلى الحكم عام 2018، حاز جائزة نوبل للسلام لجهوده في إنهاء النزاع مع إريتريا، ورافق ذلك تفاؤل واسع بشأن مستقبل الحريات في إثيوبيا، لكن سرعان ما انعكس هذا المسار مع اندلاع الحرب في تيغراي، إذ تبنّت الحكومة نهجًا أمنيًا صارمًا تجاه المعارضة والإعلام.
بينما لا تزال الحكومة تبرر إجراءاتها باسم الحفاظ على استقرار الدولة، فإن واقع الإعلاميين في إثيوبيا يروي قصة أخرى، حيث تحوّلت الأقلام الحرة إلى أهداف سهلة، وارتفعت تكلفة الكلمة إلى مستويات غير مسبوقة، في غياب المساءلة، تتواصل الانتهاكات، في حين تختنق حرية التعبير في واحدة من كبريات دول القارة.