الأمم المتحدة: خيبة التنمية تلوح في الأفق ما لم نُحسن استخدام الذكاء الاصطناعي
الأمم المتحدة: خيبة التنمية تلوح في الأفق ما لم نُحسن استخدام الذكاء الاصطناعي
كشف تقرير حديث صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عن تباطؤ غير مسبوق في مؤشرات التنمية البشرية حول العالم، وهي المؤشرات التي تقيس رفاه الإنسان وحرياته الأساسية.
وأوضح التقرير أن هذا التباطؤ يعكس تراجعًا في مسارات التقدم التي شهدت نمواً مستقراً لعقود، متأثرة بأزمات متتالية أبرزها جائحة كوفيد-19 وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية،وفق ما نشره الموقع الإعلامي للأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء.
ورأى التقرير أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يشكل أداة قوية لتحسين حياة الملايين، إذا ما استُخدم بشكل عادل ومنصف، وأكد معدو التقرير أن أدوات الذكاء الاصطناعي المجانية أو منخفضة التكلفة انتشرت بسرعة لافتة بين الأفراد والشركات، ما يفتح آفاقاً جديدة لزيادة الإنتاجية وتوفير خدمات نوعية في قطاعات التعليم والصحة والعمل.
أشار التقرير إلى أن الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة في مجال التنمية البشرية آخذة في الاتساع للعام الرابع على التوالي، ما ينذر بانقسام عالمي أعمق، وأكد أن الضغوط المتزايدة مثل أزمات الديون والتوترات التجارية تُضعف قدرة الحكومات على الاستثمار في الخدمات الأساسية، ما يعقّد فرص اللحاق بركب التنمية.
طموحات ومعوقات
سلط التقرير الضوء على تباين لافت في واقع الذكاء الاصطناعي والتنمية البشرية في الدول العربية، ففي حين حققت بعض دول الخليج، مثل السعودية والإمارات، تقدماً كبيراً في الاستثمارات الرقمية وأسهمت في تطوير نماذج ذكاء اصطناعي واسعة النطاق، بقيت معظم الدول العربية الأخرى تعاني من بطء في التعافي وفجوات كبيرة في الاتصال الرقمي والتعليم النوعي.
وأظهر التقرير أن المنطقة العربية تفقد الكثير من كفاءاتها الرقمية بسبب هجرة المواهب نحو مراكز التكنولوجيا العالمية، ما يعمّق الفجوة في قدرات الذكاء الاصطناعي، كما أشار إلى أن النساء العربيات يواجهن حواجز اجتماعية وأعباء رعاية تعرقل مساهماتهن في الثورة الرقمية، ما يعكس اختلالًا واضحًا في العدالة الجندرية داخل هذا القطاع.
رغم التحديات، أبدى التقرير تفاؤلاً مشروطًا بإمكانات الذكاء الاصطناعي في دفع عجلة التنمية، شريطة تبني سياسات إنسانية تُبقي البشر في قلب العملية التكنولوجية، ودعا إلى تحديث نظم التعليم والرعاية الصحية، وتطوير اقتصادات تعزز التعاون بين الإنسان والآلة، بدلاً من التنافس بينهما.
دعوة لتعاون عالمي
شدد التقرير على أن الذكاء الاصطناعي ليس قوة محايدة، بل انعكاس للقيم التي تحكم المجتمعات، وحثّ برنامج الأمم المتحدة على تعزيز التعاون الدولي في إدارة هذه التكنولوجيا بما يخدم أهداف العدالة والاستدامة والكرامة الإنسانية، محذراً من أن الفشل في ذلك سيؤدي إلى "خيبة أمل تنموية" على مستوى العالم.
ورصد التقرير تبايناً حاداً في مسارات التنمية عبر مناطق العالم. ففي إفريقيا جنوب الصحراء تعوق البنى التحتية الهشة استفادة السكان من الذكاء الاصطناعي، في حين تحافظ شرق آسيا على موقعها كقوة تكنولوجية رغم تحديات في أمن التكنولوجيا وتنظيمها، أما أوروبا وآسيا الوسطى فتعاني من شيخوخة سكانية واستقطاب سياسي، في حين تواجه أمريكا اللاتينية بطئًا في النمو وتفاوتات حادة.
وسبق أن حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من أن الذكاء الاصطناعي قد يشكل خطرا على السلم والأمن على المستويين المحلي والدولي، داعياً الدول الأعضاء إلى وضع ضوابط لإبقاء التقنية تحت السيطرة.
وقال غوتيريش في جلسة هي الأولى التي يخصّصها مجلس الأمن في يوليو 2023 للبحث في مسألة الذكاء الاصطناعي: "من الجلي أن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير في جميع مناحي الحياة".
وتابع: "الذكاء الاصطناعي التوليدي لديه إمكانيات هائلة للخير والشر"، مشيراً إلى أن التقنية قادرة على المساعدة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة عبر تعظيم الإنتاج وتطويره ووضع حد للفقر أو علاج السرطان، ومن الممكن أيضاً أن يكون لها "عواقب خطِرة جداً على السلام والأمن الدوليين وحقوق الملكية الفكرية".