فيينا تطالب برلين باحترام قوانين أوروبا وسط تشديد مراقبة الحدود
فيينا تطالب برلين باحترام قوانين أوروبا وسط تشديد مراقبة الحدود
دعت الحكومة النمساوية، اليوم الخميس، السلطات الألمانية الجديدة إلى الالتزام الصارم بالقوانين الأوروبية الخاصة بإدارة الحدود، وذلك في أعقاب الإجراءات الأمنية المشددة التي بدأت الشرطة الألمانية بتطبيقها عند المنافذ الحدودية مع دول الجوار، بما في ذلك النمسا.
وأصدرت وزارة الداخلية النمساوية بيانًا رحّبت فيه بالجهود الألمانية الهادفة إلى التصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية ومكافحة شبكات تهريب البشر، لكنها شددت في الوقت نفسه على ضرورة ألا تتجاوز هذه الجهود الإطار القانوني الأوروبي.
وقالت الوزارة: "ترحب النمسا بالجهود الألمانية لمكافحة عصابات تهريب البشر والهجرة غير النظامية، ونثق بأن السلطات الألمانية ستحترم الإطار القانوني الأوروبي في جميع إجراءاتها".
وجاء هذا البيان بعد يومٍ واحد فقط من تسلّم الحكومة الألمانية الجديدة، برئاسة المستشار المحافظ فريدريش ميرتس، لمهامها، وهو ما أعاد إلى الواجهة الجدل القائم بشأن السياسات الأوروبية الموحدة في ما يتعلق بالهجرة واللجوء ومراقبة الحدود.
مخاوف أوروبية متزايدة
وأثارت خطط برلين لتكثيف عمليات التفتيش الحدودي وترحيل طالبي اللجوء قلق دول أوروبية مجاورة، مثل بولندا والنمسا، حيث ترى هذه الدول أن السياسات المقترحة قد تشكّل خرقًا محتملاً لقواعد الاتحاد الأوروبي التي تنظم حرية الحركة عبر منطقة "شنغن"، كما قد تؤدي إلى تدفق غير منضبط لطالبي اللجوء نحو أراضيهم.
وفي السياق نفسه، عبّر رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك عن قلقه خلال زيارة رسمية قام بها المستشار الألماني ميرتس إلى وارسو. وقال توسك: "إذا قررت ألمانيا السماح بدخول من تشاء، فإن بولندا ستُبقي حدودها مفتوحة فقط لمن تقرر قبولهم".
وأضاف: "لا يجب أن يُخلق انطباع، أو تُفرض وقائع، توحي بأن ألمانيا ستقوم بإرسال مهاجرين إلى بولندا من دون تنسيق مسبق".
سياسات مثيرة للجدل
وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه أوروبا تصاعدًا في أعداد المهاجرين وطالبي اللجوء القادمين من مناطق الصراع والفقر في أفريقيا والشرق الأوسط، ما يزيد الضغوط على الحكومات الأوروبية التي تتبنى مواقف متباينة بين من يدعو إلى سياسة أكثر إنسانية وتضامنًا، ومن يطالب بتشديد الإجراءات وتعزيز الرقابة على الحدود.
وقد تزايدت الانتقادات الموجهة للاتحاد الأوروبي بشأن ما يصفه مراقبون بتناقض السياسات بين دوله الأعضاء، وغياب استراتيجية موحدة للتعامل مع الهجرة، خاصة في ظل وجود اتفاقيات أوروبية تُلزم الدول الأعضاء بالتعاون في هذا الملف، مثل اتفاقية دبلن واتفاقية شنغن.
ومع تعهّد الحكومة الألمانية الجديدة بالمضي قدمًا في خططها لتشديد الرقابة وترحيل المهاجرين غير النظاميين، تبدو بوادر توتر واضحة بين برلين وعواصم أوروبية أخرى قد تتأثر بهذه الإجراءات.
ويخشى مراقبون من أن تؤدي هذه السياسات إلى خلافات قانونية داخل الاتحاد الأوروبي، خصوصًا إذا وُجد أنها تتعارض مع التشريعات الأوروبية التي تضمن حرية التنقل وحقوق طالبي اللجوء.