فرنسا تفكك شبكة تهريب للمهاجرين غير النظاميين عبر المانش
فرنسا تفكك شبكة تهريب للمهاجرين غير النظاميين عبر المانش
ألقت السلطات الفرنسية القبض على سبعة أشخاص يُشتبه في انتمائهم لشبكة تهريب مهاجرين، خلال عملية أمنية نُفّذت في وقت متأخر من مساء الجمعة الماضي، قرب بلدة سان-أومير في مقاطعة با-دو-كاليه شمالي فرنسا، وهي إحدى أكثر المناطق حساسية في ما يتعلق بملف العبور غير النظامي إلى بريطانيا عبر بحر المانش.
وأكدت مصادر في الشرطة الفرنسية لوكالة "فرانس برس"، الاثنين، أن المشتبه بهم، وهم أربعة يحملون الجنسية الرومانية، وصومالي، وإيراني، وعراقي، تم توقيفهم أثناء قيام اثنين منهم بسرقة وقود من مركبات، وهو ما أثار ريبة قوات الأمن ودفع إلى تنفيذ عملية تفتيش موسعة.
وضُبط بحوزة المجموعة أكثر من 2,500 يورو نقداً، إلى جانب عبوة بنزين، ومجموعة من مفاتيح المركبات، إضافة إلى أربعة قوارب مطاطية و160 سترة نجاة، في مؤشرات واضحة على نشاط منظم لتهريب المهاجرين.
وتمّت العملية بالتعاون مع مكتب مكافحة تهريب المهاجرين (OLTIM) في المنطقة، في إطار الجهود المستمرة لتفكيك الشبكات التي تستغل الظروف الإنسانية الصعبة للمهاجرين، وتُخضعهم لرحلات محفوفة بالموت والمجهول.
الطريق الأخطر إلى بريطانيا
شهدت عمليات العبور غير النظامية عبر المانش ارتفاعاً لافتاً منذ بداية العام، حيث سجلت السلطات البريطانية أكثر من 21 ألف حالة عبور باستخدام ما يُعرف بـ"القوارب الصغيرة"، في رقم قياسي جديد.
ويمثل هذا الطريق نحو 84% من مجمل حالات الهجرة غير النظامية إلى بريطانيا، على الرغم من قصر المسافة البحرية (نحو 35 كيلومتراً فقط)، إلا أن كثافة حركة السفن وارتفاع الأمواج جعلاه أحد أكثر الطرق فتكًا، وقد أسفر منذ بداية العام الجاري عن وفاة 17 مهاجراً على الأقل.
ويُذكر أن العام الماضي 2024 كان الأسوأ على الإطلاق، حيث قُتل 78 شخصاً أثناء محاولات العبور، معظمهم من النساء والأطفال الذين خاضوا الرحلة رغم ضعف التجهيزات وعدم خبرتهم في السباحة أو الملاحة.
وجه آخر لأزمة تتفاقم
لا تقتصر الأزمة على البحر فحسب، إذ يعيش آلاف المهاجرين في مخيمات مؤقتة وعشوائية شمالي فرنسا، بين كاليه، ودانكيرك، ولون بلاج، وغالباً ما تشهد هذه التجمعات حوادث عنف، واشتباكات بين المهاجرين أو بين شبكات التهريب المتنافسة.
وفي الأسابيع الأخيرة، سُجلت أربع حوادث إطلاق نار على الأقل في محيط مخيمات في "لون بلاج"، ما يعكس تصاعداً في حدة الصراع بين مافيات التهريب التي لم تعد تخشى الظهور العلني أو استخدام السلاح.
وقد توسّعت مناطق انطلاق القوارب من 30 كيلومترًا قبل عامين، إلى أكثر من 200 كيلومتر من السواحل، تمتد من الحدود البلجيكية إلى خليج السوم، في محاولة من المهربين لتجنب الدوريات الأمنية المكثفة في كاليه.
أزمة القانون البحري
دفع تصاعد محاولات العبور والضغط البريطاني المتواصل، السلطات الفرنسية إلى إعادة النظر في قانون المياه الساحلية، إذ ينص القانون الحالي على أنه لا يجوز اعتراض قارب مهاجرين بمجرد دخوله المياه، ما يتيح لبعض المهربين الانطلاق من الأنهار التي تصب في بحر المانش.
وتسعى فرنسا الآن إلى تعديل القوانين للسماح لقوات الشرطة بالتدخل في نطاق 300 متر داخل المياه، وهي خطوة تدعمها بريطانيا، أملاً في تقليص عدد محاولات العبور، ووقف الشبكات التي تستغل الثغرات القانونية لتحقيق أرباح طائلة.
وضمن الجهود المشتركة، توصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر إلى اتفاق غير مسبوق خلال القمة الثنائية التي عقدت يوم الخميس 11 يوليو.
وينص الاتفاق على تنفيذ مشروع تجريبي يقوم على مبدأ "واحد مقابل واحد": حيث تُعيد لندن مهاجراً عبر بحر المانش إلى فرنسا، مقابل أن تستقبل لاجئاً من المخيمات الفرنسية يرغب بالتقدّم للجوء في بريطانيا، على أن يكون مستوفيًا لمعايير محددة مثل الروابط العائلية أو الحالات الإنسانية.
وأوضحت الحكومة البريطانية أن هذا الاتفاق يهدف إلى "ضرب النموذج الاقتصادي للعصابات المنظمة التي تقتات من بؤس البشر"، وإرسال رسالة واضحة بأن عبور المانش لم يعد يعني الوصول إلى بر الأمان، بل قد يؤدي إلى الترحيل من جديد.