"تليغراف": جدل في البرلمان البريطاني حول عودة مقاتلي "داعش" دون محاكمة

"تليغراف": جدل في البرلمان البريطاني حول عودة مقاتلي "داعش" دون محاكمة
بريطانيا

أثار تقرير صادر عن لجنة برلمانية مشتركة لحقوق الإنسان جدلاً واسعًا داخل البرلمان البريطاني، بعدما كشف عن أن أكثر من 400 شخص يُشتبه في انضمامهم لتنظيم "داعش" الإرهابي قد عادوا إلى المملكة المتحدة دون أن يُحاسَب أيٌّ منهم على جرائمهم.

وذكرت صحيفة "تليغراف" البريطانية، الثلاثاء، أن التقرير، الذي أعده نواب وأعضاء من مجلس اللوردات، أشار إلى أن هؤلاء الأفراد شاركوا في أنشطة التنظيم المحظور في سوريا والعراق، حيث ارتُكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الأقليات الدينية، خصوصًا الإيزيديين.

دعوات لتعديل القانون

ورغم تأكيد الحكومة في وقت سابق أن أفضل السبل لمقاضاة هؤلاء الأفراد هي عبر الأنظمة القضائية المحلية في دول ارتكاب الجرائم، فإن اللجنة البرلمانية شددت على صعوبة تحقيق العدالة في دول مثل العراق وسوريا بسبب التحديات القانونية والأمنية، مطالبةً بإخضاعهم للمحاكمة داخل المملكة المتحدة.

وقال اللورد ديفيد ألتون، رئيس اللجنة:"من غير المقبول أن يعود هؤلاء دون مساءلة. لدينا واجب أخلاقي وقانوني لمحاسبة مواطنينا الذين تورطوا في أفظع الجرائم تحت راية داعش".

وأكدت اللجنة أن القوانين البريطانية الحالية تعوق المحاكمات في قضايا الجرائم الدولية، إذ لا يمكن متابعة المتهمين إلا إذا كانوا مواطنين بريطانيين أو مقيمين داخل البلاد أو من أفراد القوات المسلحة. ولهذا، أوصت اللجنة بتعديل قانون الجريمة والشرطة الحالي لإزالة هذه القيود.

فجوة في الأدلة

كما حث التقرير على تعزيز التنسيق بين هيئة الادعاء الملكية والشرطة المتخصصة في التحقيقات المعنية بالإبادة الجماعية وجرائم الحرب، محذرًا من أن الأدلة قد تضيع دون هذا التعاون.

ويرى مراقبون أن هذا الملف يمثل اختبارًا حاسمًا لمدى التزام بريطانيا بالقانون الدولي وحقوق الإنسان، خاصة في وقت تتزايد فيه الانتقادات بشأن التعامل مع العائدين من مناطق النزاع في الشرق الأوسط، وسط تساؤلات حول العدالة والردع والأمن الوطني.

ومنذ اندلاع الحرب في سوريا وبروز تنظيم "داعش" كقوة مسلحة في 2014، شهدت المملكة المتحدة مغادرة نحو 900 شخص، بحسب تقديرات رسمية، إلى مناطق الصراع في سوريا والعراق للانضمام إلى التنظيم.

كان الدافع لدى هؤلاء متنوعًا، بين أسباب أيديولوجية، ودينية متطرفة، والشعور بالتهميش الاجتماعي داخل بريطانيا، بالإضافة إلى تأثير الدعاية الجهادية الإلكترونية المكثفة التي اعتمدها التنظيم عبر وسائل التواصل.

ومن بين هؤلاء، عاد أكثر من 400 شخص إلى بريطانيا، فيما قُتل عدد كبير خلال المعارك، وتُحتجز فئة أخرى لدى قوات محلية في سوريا والعراق، خصوصًا الأكراد في شمال شرق سوريا.

صعوبات قانونية وأمنية

تواجه الحكومة البريطانية صعوبات قانونية وأمنية في التعامل مع هؤلاء العائدين، إذ غالبًا ما تكون الأدلة على الجرائم غير كافية أو غير قابلة للاستخدام في المحاكم البريطانية، نظرًا لجمعها في مناطق نزاع.

وقد لجأت الحكومة إلى سحب الجنسية من بعضهم؛ مثل حالة "شميمة بيغوم" الشهيرة، كإجراء أمني مثير للجدل، لكنه لا يعالج مسألة المساءلة الجنائية عن جرائم الحرب والإرهاب.

تتخوف منظمات حقوق الإنسان من أن الإفلات من العقاب قد يشجع على التطرّف مجددًا، في حين تنبه الأجهزة الأمنية إلى الخطر الأمني المحتمل لهؤلاء الأفراد داخل البلاد، لا سيما ممن لم يخضعوا لأي محاكمة أو مراقبة صارمة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية