الجزائر حائرة بين مخاوف اشتداد القمع وتوقعات انفراجة مرتقبة

الجزائر حائرة بين مخاوف اشتداد القمع وتوقعات انفراجة مرتقبة
الجزائر

مشتتة بين حملات التضييق على الحريات ودعوات للحوار السياسي مع معارضين، تقف الجزائر حائرة أمام طي صفحة مغضوب عليها وفتح آفاق جديدة للمصالحة الوطنية، وفق مراقبين لـ«جسور بوست». 

وقبل أيام أطلقت 38 منظمة حقوقية محلية ودولية، حملة إلكترونية بعنوان "ليست جريمة" للتنديد بما وصفوه بـ"القمع والتضييق على الحريات الفردية والعامة". 

وطالبت الحملة بـ"الإفراج غير المشروط عن المحتجزين السياسيين"، مؤكدة أن هناك نحو 300 سجين يحاكمون على ذمة قضايا تتعلق بحرية الرأي والتعبير وممارسة العمل السياسي. 

واستبق الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون تلك الحملة الحقوقية، معلنا عن إطلاق مبادرة "لم الشمل" لإجراء حوار وطني مع قادة الأحزاب وممثلي القوى السياسية في بلاده.

وقال تبون، في تصريحات سابقة، إن يده ممدوة للجميع، وسيجري عددا من اللقاءات مع قادة الأحزاب السياسية، وسط تكهنات باعتزام السلطات الإفراج عن السجناء السياسيين.

وفي مارس الماضي، دعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، السلطات الجزائرية إلى "تغيير المسار"، معربة عن قلقها من "القيود المتصاعدة ضد الحقوق الأساسية".

ووفق تقارير المنظمات الحقوقية المحلية، تزداد القبضة الأمنية ضد المعارضين، منذ توقف الحراك السياسي الأخير، الذي اندلع ضد السلطات في يوليو 2021. 

وفي حين أكد حقوقي جزائري لـ«جسور بوست»، أن ثمة معلومات تشير إلى استعداد السلطات للإفراج عن الموقوفين السياسيين مطلع يوليو المقبل بعفو رئاسي بمناسبة عيد الاستقلال.

شكك ناشط آخر في إمكانية حدوث ذلك، مدللا بقوله: "حملات توقيف وملاحقة النشطاء السياسيين ما زالت مستمرة حتى بعد دعوة الرئيس لإجراء الحوار وفق مبادرة (لم الشمل)".

بين تأكيد وتشكيك

بدوره، قال المحامي الحقوقي الجزائري محمد أمين، لـ"جسور بوست"، إن مجمل الوضعية الحقوقية في الجزائر من الصعب وصفها بـ"السيئة أو المتردية". 

ورغم ذلك أكد أمين وجود معتقلي رأي في السجون الجزائرية، لكن هناك مؤشرات ومعلومات مؤكدة عن نية السلطات للإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين يوم 5 يوليو المقبل، بمناسبة عيد الاستقلال.

 وأضاف: "دعوة الرئيس لمبادرة (لم الشمل) التي أطلقها قبل نحو 3 أسابيع تمثل بادرة أمل لحلحلة الأزمة الراهنة"، مشيرًا إلى صعوبة تحديد ما إذا كانت هذه الانفراجة نتيجة ضغوط دولية أم بمبادرة ذاتية من السلطات. 

وتوقع أمين أن تنجح مبادرة "لم الشمل" في إنهاء الأزمة السياسية في الجزائر، قائلًا: "السلطة أطلقت هذه المبادرة كعربون حسن نوايا، ولقاء الرئيس بقادة أحزاب سياسية يشير إلى أننا في الطريق إلى الحل". 

وعلى الجانب الآخر، قال الناشط الحقوقي الجزائري زكي حناش لـ"جسور بوست"، إن الوضع الحقوقي في الجزائر خطير للغاية، إثر تصعيد أمني شرس ضد الحقوق والحريات.

وأضاف حناش: "لدينا أكثر من 300 معتقل سياسي في السجون، بينهم 3 صحفيين وعدد من المحامين، بسبب مشاركتهم في الحراك الشعبي الذي توقف منذ 5 يوليو 2021".   

واستطرد: "الرئيس دعا لمبادرة لم الشمل وقال إن يده ممدوة، وانتشرت تسريبات بالإفراج عن المعتقلين، لكني أرى أن الأوضاع على الأرض غير ذلك، ولا نرى أي بادرة عملية للتهدئة". 

كان زكي تعرض للاعتقال في 18 فبراير الماضي، وتم تقديمه للمحاكمة على ذمة 4 قضايا تتعلق بمنشورات كتبها عن أوضاع المعتقلين عبر حسابه الشخصي على فيسبوك، لكن أطلق سراحه نهاية مارس الماضي، ضمن عفو رئاسي شمل 70 معتقلًا. 

وقال حناش: "العفو الذي خرجت به ليس شاملًا فما زلت قيد المحاكمة على ذمة قضية جنائية و3 جنح كلها تتعلق بمنشوراتي عبر حسابي على موقع فيسبوك".

وأضاف: "لا أتوقع أن تكون السلطة جادة في الإفراج عن المعتقلين، لأن القبضة الأمنية ما زالت قوية، وخلال الأيام الماضية تم اعتقال 3 نشطاء، وهذه الاعتقالات جاء بعد دعوة الرئيس للحوار الوطني".

ومضى قائلا: "النظام الجزائري وضع خارطة طريق منذ تولى الرئيس عبدالمجيد تبون منصبه في ديسمبر 2019، ويستخدم الردع الأمني لكل من يفكر في مخالفة هذه الخارطة". 

واعتبر أن النظام أطلق دعوة "لم الشمل" لتحسين صورته أمام المجتمع الدولي، وليس بهدف حل الأزمة الداخلية بشكل حقيقي، مدللا على ذلك بتوقيف الناشط الحقوقي المعروف رشيد نكاز ومحاميه عبدالقادر شهرة قبل أسبوع. 

وأكد حناش أن المجتمع الحقوقي الجزائري الذي أطلق حملة "ليست جريمة" بدعم من منظمات دولية، لا يملك أوراقًا كثيرة في مواجهة الردع الأمني، لذلك يلجأ للحملات الإلكترونية للضغط على السلطة بهدف تحقيق انفراجة.

ومنذ أسبوعين، استأنف الرئيس الجزائري لقاءاته مع قيادات حزبية وسياسية، فيما تسود حالة ترقب في الأوساط الحقوقية حيال عرض رئاسي لـ"التوافق" و"فتح صفحة جديدة" مع المعارضة.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية