بريطانيا تحظر بيع السجائر الإلكترونية أحادية الاستخدام بدءاً من الغد
للحد من الإدمان بين الشباب
تبدأ المملكة المتحدة غدا الأحد، تطبيق حظر شامل على بيع وتوزيع السجائر الإلكترونية المخصصة للاستخدام مرة واحدة، المعروفة بجاذبيتها العالية للشباب بسبب نكهاتها الحلوة وتصميماتها الزاهية.
وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود حكومية لحماية القاصرين والبيئة من تداعيات هذه المنتجات، على غرار ما فعلته كل من فرنسا وبلجيكا، وفق وكالة "فرانس برس".
أعلنت وزيرة البيئة البريطانية، المسؤولة عن شؤون الاستدامة، ماري كري أن هذه المنتجات كانت «تملأ شوارعنا وتسبب إدمان أطفالنا على النيكوتين». وأوضحت أن الحظر يهدف إلى وقف انتشار هذه الظاهرة المتسارعة التي أصبحت مثار قلق صحي واجتماعي.
ومن المقرر أن يواجه من يخالف هذا الحظر غرامة فورية قدرها 200 جنيه إسترليني (نحو 269 دولاراً)، بينما قد تصل العقوبة إلى السجن لمدة عامين في حال تكرار المخالفة، وذلك ضمن قانون بدأ مساره التشريعي في عهد الحكومة المحافظة السابقة.
تأثير بيئي خطير
حذرت منظمة "ماتيريال فوكس" غير الربحية من أن حوالي خمسة ملايين سيجارة إلكترونية أحادية الاستخدام كانت تُلقى أسبوعياً في المملكة المتحدة خلال عام 2024.
وهو ما يعادل أكثر من 40 طناً من الليثيوم سنوياً، وهي كمية يمكن أن تشغل ما لا يقل عن 5000 سيارة كهربائية، مما يعكس حجماً كارثياً للنفايات الإلكترونية، وفقاً لتقديرات المنظمة.
وتنبّه المنظمة أيضاً إلى أن هذه النفايات تُشكّل خطراً على السلامة العامة، إذ قد تؤدي إلى اندلاع حرائق في النفايات المنزلية بفعل البطاريات القابلة للاشتعال داخلها.
مخاوف من الإدمان
بحسب جمعية العمل من أجل الصحة ومكافحة التدخين (ASH)، يستخدم ما يقرب من 11% من البالغين البريطانيين السجائر الإلكترونية، أي حوالي 5.6 ملايين شخص، فيما تشير الإحصاءات إلى أن 18% من المراهقين بين سن 11 و17 عاماً قد جربوها خلال عام 2024، ما يعادل قرابة 980 ألف مراهق.
وصرّحت كارولين سيرني، نائبة المدير التنفيذي لجمعية ASH، بأن "القانون الجديد يُمثل خطوة هامة نحو حماية الأطفال من إدمان النيكوتين، مع الإبقاء على دور السجائر الإلكترونية كأداة لمساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين التقليدي".
ويُشار إلى أن السجائر الإلكترونية لا تنتج القطران أو أول أكسيد الكربون، وهما من أخطر مكونات دخان التبغ، لكنها تحتوي على النيكوتين، وهو مادة عالية الإدمان، قد تؤدي إلى الاعتياد السريع، خصوصاً بين الفئات العمرية الصغيرة.
تراجع في الاستخدام
أدت أنباء الحظر بالفعل إلى انخفاض استخدام السجائر الإلكترونية ذات الاستخدام الواحد بين الشباب البالغين. فقد أظهرت إحصاءات حديثة من ASH أن نسبة استخدامها بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً انخفضت من 52% عام 2024 إلى 40% عام 2025.
ورغم ذلك، يحذر قطاع تجارة السجائر الإلكترونية من تداعيات سلبية محتملة. وصرّح دان مارشانت، مدير متجر "Vape Club" الإلكتروني، بأن هذا القانون "يجرّم بيع هذه المنتجات ولا يحظر استخدامها"، معبّراً عن قلقه من أن يؤدي هذا الفراغ القانوني إلى نشوء سوق سوداء لبيع منتجات قد تكون مغشوشة أو أكثر ضرراً.
تنضم المملكة المتحدة بهذا القرار إلى فرنسا وبلجيكا اللتين شرعتا في تنفيذ الحظر هذا العام، فيما تدرس أيرلندا اعتماد إجراءات مشابهة. ويعكس ذلك اتجاهاً أوروبياً متنامياً نحو الحد من السجائر الإلكترونية أحادية الاستخدام، لأسباب صحية وبيئية على حد سواء.
خطوة لتنظيم السوق
ويقول خبراء الصحة العامة إن هذه الخطوة لا تعني منع استخدام السجائر الإلكترونية بالكامل، بل تهدف إلى تنظيم السوق والتأكد من أن المنتجات المسموح بها تلتزم بمعايير السلامة ولا تستهدف المراهقين بأساليب تسويقية مبهرة.
ويعكس الحظر البريطاني تحولاً في السياسات العامة، يجمع بين حماية الصحة العامة والبيئة، في ظل قلق متزايد من الآثار طويلة الأمد لاستخدام النيكوتين بين الأطفال والشباب. ورغم المخاوف من السوق السوداء، ترى السلطات أن الحظر خطوة ضرورية لحماية الأجيال المقبلة.