صحيفة إسرائيلية: ترقية ضابط أمر بإعدام مدنيين فلسطينيين في غزة

صحيفة إسرائيلية: ترقية ضابط أمر بإعدام مدنيين فلسطينيين في غزة
آثار العدوان على غزة - أرشيف

كشفت صحيفة هآرتس العبرية، اليوم الأربعاء، عن قيام الجيش الإسرائيلي بترقية ضابط في قواته إلى منصب رفيع، رغم توثيق شهادات جنود تؤكد إصداره أوامر بإطلاق النار على مدنيين فلسطينيين كانوا يرفعون الرايات البيضاء، خلال محاولتهم المرور من طريق "نتساريم" جنوب مدينة غزة في نهاية العام الماضي.

وأكدت الصحيفة أن الضابط، الذي يحمل رتبة رائد في قوات الاحتياط، قد جرى تعيينه أخيرًا قائدًا لإحدى كتائب المشاة التي تشارك في العمليات البرية بقطاع غزة، رغم عدم فتح أي تحقيق رسمي بحقه حتى الآن، أو حتى استدعائه للاستجواب، ما يعكس –حسب مراقبين– تغاضي المؤسسة العسكرية الإسرائيلية عن انتهاكات جسيمة قد ترقى لجرائم حرب.

وأضافت الصحيفة أن هذه القضية كُشف عنها لأول مرة في ديسمبر 2024، عندما كتب أحد الجنود الذين شهدوا الواقعة، وهو الجندي حاييم هار-زيهاف، عمودًا في الصحيفة نفسها، كشف فيه كيف أمر الضابط بإطلاق النار على فلسطينيين مدنيين كانوا يحملون راية بيضاء، في إشارة واضحة إلى رغبتهم في الاستسلام أو المرور الآمن، وفقًا لما يقرّه القانون الدولي الإنساني.

شهادات تفضح الإعدام

وبيّنت "هآرتس" أن الضابط أصر على تنفيذ الأمر بإطلاق النار رغم اعتراض ضابط آخر في الموقع، ما أنقذ أرواح عدد من المدنيين، إلا أن الحادثة، وفقًا لشهادات إضافية وردت في تحقيق استقصائي موسع للصحيفة عن الأحداث التي وقعت في محور نتساريم، لم تلقِ أي اهتمام قضائي جدي من جانب الشرطة العسكرية أو النيابة العسكرية الإسرائيلية.

وأشارت الصحيفة إلى أن الشرطة العسكرية اكتفت باستدعاء الجندي الكاتب للإدلاء بشهادته بعد أسابيع من نشر مقاله، دون اتخاذ أي إجراءات أخرى حتى الآن.

ويمثل طريق نتساريم شريانًا استراتيجيًا يفصل شمال القطاع عن جنوبه، ويُعدّ من أبرز رموز التحكم الإسرائيلي بالحركة والتنقل في قطاع غزة منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023. 

وأحكمت القوات الإسرائيلية سيطرتها عليه مطلع نوفمبر من العام ذاته، ما أدى إلى عزل محافظتي غزة والشمال عن مناطق الوسط والجنوب، وتسبب في نزوح أكثر من مليون فلسطيني نحو الجنوب تحت ضغط القصف والمعارك.

وفي 27 يناير الماضي، انسحب الجيش الإسرائيلي جزئيًا من المحور الرابط بين شارعي الرشيد وصلاح الدين، ما أتاح لبعض النازحين العودة إلى الشمال، إلا أن عبورهم عبر طريق نتساريم، سيرًا على الأقدام أو بالمركبات، تم تحت إجراءات تفتيش معقدة أشرفت عليها شركات أمنية خاصة أمريكية ومصرية، حسب ما ذكره الإعلام العبري.

تعزيز الإفلات من العقاب

وعدّ حقوقيون ترقية الضابط رغم خطورة الاتهامات ضده، رسالة خطِرة تُكرّس الإفلات من العقاب، مشيرين إلى أن ما جرى في نتساريم لا يمكن فصله عن سلسلة من الجرائم الممنهجة بحق المدنيين في غزة، خاصة خلال فترات النزوح الجماعي.

وأضافت الصحيفة أن الضابط الذي تمت ترقيته "سيقود كتيبة مشاة تنفذ مناورات برية ضمن العمليات العسكرية في غزة"، ما يثير مخاوف من تكرار هذه السلوكيات في ظل غياب المساءلة.

ورغم الخطورة البالغة لما ورد في التقرير، لم يصدر الجيش الإسرائيلي أي تعليق رسمي حتى لحظة نشر الخبر، كما لم تُعلن الجهات القضائية العسكرية عن أي نية لاتخاذ إجراءات قانونية، ما يعزز الشكوك حول تواطؤ مؤسسي في التستر على الانتهاكات.

خلفية سياسية وعسكرية

ويأتي هذا التطور في سياق تصاعد الانتقادات الدولية الموجهة لإسرائيل بشأن سلوكها في الحرب المستمرة على قطاع غزة، والتي دخلت شهرها العشرين. 

ووثقت منظمات دولية، بينها هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، حالات إعدام ميداني وقصف لمناطق مدنية ومنشآت صحية وتعليمية، وسط اتهامات لتل أبيب بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

ويرى مراقبون أن ترقية الضابط المتورط في جريمة محتملة تُظهر كيف تسعى القيادة العسكرية الإسرائيلية إلى مكافأة المتورطين في التصعيد الدموي، في إطار سياسة تستند إلى القوة المفرطة، مع تجاهل تام لمبادئ القانون الدولي الإنساني.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية