مفوضية اللاجئين تعلن وقف دعم استشفاء السوريين في لبنان بنهاية 2025
مفوضية اللاجئين تعلن وقف دعم استشفاء السوريين في لبنان بنهاية 2025
أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان عن اضطرارها إلى وقف تغطية تكاليف الاستشفاء للنازحين السوريين مع نهاية عام 2025، نتيجة النقص الحاد في التمويل، في خطوة تنذر بتفاقم الأزمة الصحية والمعيشية لعشرات آلاف العائلات التي تعتمد على دعم المفوضية كشبكة أمان أخيرة وسط انهيار اقتصادي واجتماعي متواصل في لبنان.
وأكدت الناطقة باسم المفوضية في لبنان، ليزا أبو خالد، في تصريحات صحفية، اليوم الاثنين، أن برامج الرعاية الصحية الأولية قد تم تعليقها بالفعل خلال الأشهر الأخيرة، وهو ما سيترك نحو 80 ألف لاجئ من دون أي تغطية طبية، ما يضاعف من معاناتهم، خصوصاً الفئات التي تعاني من أمراض مزمنة أو تحتاج إلى متابعة صحية منتظمة.
وأوضحت أبو خالد أن برامج المساعدات النقدية تأثرت بشكل كبير نتيجة الأزمة التمويلية، مشيرة إلى أن المفوضية فقدت القدرة على الوصول إلى 65% من المستفيدين من البرنامج النقدي المشترك مع برنامج الأغذية العالمي منذ بداية العام الجاري، ما أدى إلى وقف الدعم عن نحو 350 ألف لاجئ من الفئات الأكثر هشاشة، في حين يُواجه 200 ألف لاجئ آخر خطر فقدان المساعدات بعد سبتمبر المقبل، إذا لم يتم تأمين تمويل إضافي.
التعليم مهدد بالتوقف
وكشفت المتحدثة باسم المفوضية أن برامج التعليم غير الرسمي، التي تشمل محو الأمية وتعليم الأطفال غير الملتحقين بالمدارس، ستُوقف بالكامل في يوليو 2025، ما سيحرم نحو 15 ألف طفل نازح من فرصة التعلم الأساسية، في وقت بات فيه الجيل الناشئ من اللاجئين مهدداً بالتهميش والضياع وسط غياب البدائل الرسمية.
ورأت أبو خالد أن هذا التراجع الحاد في التمويل يجب أن يشكل فرصة للتفكير الجدي والمستدام في العودة الطوعية، مشيرة إلى أن المفوضية لا تزال تعتبر أن الظروف في سوريا غير مكتملة لضمان عودة آمنة وكريمة لجميع اللاجئين، إلا أن بعض المناطق باتت تشهد تحسناً نسبياً يمكن البناء عليه.
وأكدت أن المفوضية وشركاءها الإنسانيين يعملون على خطة منظمة للعودة الطوعية تشمل نحو 400 ألف لاجئ سوري خلال عام 2025، بينهم 5 آلاف لاجئ فلسطيني قدموا من سوريا، وتستند هذه الخطة إلى تقديم حوافز عملية لتسهيل العودة، كوسائل النقل، وإنجاز الوثائق المطلوبة، ودعم الاستقرار الأولي داخل سوريا.
ضغط لبناني متزايد
يأتي هذا الإعلان في وقت يشهد لبنان تصاعداً في الأصوات السياسية المطالِبة بتسريع وتيرة عودة النازحين السوريين، ووقف كل أشكال الدعم الأممي لهم. فقد جرى مؤخراً طرح اقتراح قانون لحظر تحويل الأموال الدولية للنازحين السوريين عبر المنظمات، وهو ما أثار جدلاً واسعاً بشأن تداعياته الإنسانية والقانونية.
وفي ظل الانهيار الاقتصادي الشامل الذي يرزح تحته لبنان منذ عام 2019، تتحول قضية النزوح السوري إلى ملف تفجيري داخلي يثير توترات بين الحكومة والجهات الأممية، وبين اللبنانيين أنفسهم، حيث تتزايد الاتهامات للاجئين بالضغط على الخدمات العامة وتهديد الأمن الاجتماعي.
ويُعد توقف برامج الاستشفاء والتعليم والمساعدات النقدية بمثابة نزعٍ تدريجي لشبكة الأمان الوحيدة التي يعتمد عليها أكثر من مليون ونصف نازح سوري في لبنان، ما يُهدد بوقوع أزمة إنسانية غير مسبوقة في حال لم تتمكن المفوضية من تأمين التمويل اللازم خلال الأشهر المقبلة.
وتحذر منظمات دولية من أن لبنان قد يشهد موجة نزوح عكسي داخلية جديدة إذا انهارت هذه البرامج، كما أن الانعكاسات لن تتوقف عند النازحين السوريين فقط، بل ستطول المجتمع اللبناني المضيف الذي يستفيد أيضاً من بعض هذه الخدمات ضمن برامج الدعم المشترك.