وزير التكنولوجيا البريطاني يدعو لتحويل "خوف الذكاء الاصطناعي" إلى فرصة لاكتساب المهارات
وزير التكنولوجيا البريطاني يدعو لتحويل "خوف الذكاء الاصطناعي" إلى فرصة لاكتساب المهارات
دعا وزير التكنولوجيا البريطاني بيتر كايل العاملين في المملكة المتحدة إلى تحويل مخاوفهم من الذكاء الاصطناعي إلى حماسة عملية عبر خوض التجربة بأنفسهم، محذرًا من أن أولئك الذين يترددون في استخدام التكنولوجيا قد يتخلفون عن الركب.
وفق تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، السبت، أكد كايل أن التغلب على الحواجز النفسية والتقنية لا يتطلب سوى ساعتين ونصف الساعة من التدريب، مشيرًا إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي أسهل بكثير مما يتصوره الناس، وأكثر فائدة مما يتوقعونه.
مبادرة لتدريب 7.5 مليون عامل
وجاءت تصريحات كايل بعد لقائه مع قادة شركات تكنولوجيا لمناقشة مبادرة وطنية تهدف إلى تدريب نحو 7.5 مليون شخص – أي ما يعادل خمس القوى العاملة البريطانية – على استخدام الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030.
وستتم المبادرة بالتعاون مع شركات كبرى مثل جوجل وأمازون وبي تي، لتجهيز الموظفين بالمهارات المطلوبة في سوق العمل المستقبلي.
فجوة بين الأجيال.. وساعتان لسدّها
أشار كايل إلى وجود فجوة واضحة في استخدام الذكاء الاصطناعي بين الأجيال، حيث يستخدم الأشخاص فوق 55 عامًا هذه التقنيات بنسبة نصف ما يستخدمه من هم فوق 35 عامًا.
وأوضح الوزير أن سد هذه الفجوة لا يتطلب تعليمًا عاليًا في العلوم المعقدة، بل فقط فهمًا لكيفية التفاعل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي واستخدامها بفعالية في أماكن العمل.
قلق متزايد من فقدان الوظائف
تأتي هذه الدعوات في ظل تصاعد المخاوف من تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف، فقد أشارت تقارير إلى أن نحو 60% من الوظائف في الدول المتقدمة مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة معرضة لتأثيرات مباشرة من الذكاء الاصطناعي، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي.
وتوقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن تتأثر وظائف تتطلب مهارات متقدمة في مجالات مثل القانون والطب والتمويل بشكل خاص.
مع ذلك، يرى معهد توني بلير أن اعتماد الذكاء الاصطناعي قد يُعوض خسائر بعض الوظائف عبر خلق وظائف جديدة ذات طبيعة مختلفة، لا سيما في مجالات تطوير الأنظمة وتحليل البيانات وتكنولوجيا المعلومات.
الحكومة تحاول طمأنة الجمهور
أقر رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر هذا الأسبوع بأن هناك شكوكًا متزايدة لدى المواطنين بشأن الذكاء الاصطناعي، وأن الخوف من فقدان الوظائف مشروع، لكنه أكد خلال كلمته في "أسبوع لندن للتكنولوجيا" أن الحكومة تسعى لإثبات أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يخلق الثروة ويحسن الخدمات العامة ويوفر فرص عمل ذات جودة.
وأظهرت استطلاعات رأي حديثة أن سكان الدول الناطقة بالإنجليزية، وبينها بريطانيا، أكثر قلقًا من نظرائهم في الاتحاد الأوروبي حيال صعود الذكاء الاصطناعي.
حقوق الطبع والنشر تعود إلى الواجهة
تطرق كايل أيضًا إلى قضية حقوق الطبع والنشر في العصر الرقمي، مشيرًا إلى استعداده لـ"إعادة ضبط" النقاش حول هذا الملف، بعد تمرير مشروع قانون البيانات في مجلس اللوردات، والذي أثار جدلًا واسعًا بسبب اقتراحاته بالسماح للشركات باستخدام مواد محمية بدون إذن لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي.
وأكد كايل أن الحكومة تسعى إلى تحقيق توازن بين حماية حقوق المبدعين وتسهيل الابتكار في قطاع الذكاء الاصطناعي، موضحًا أنه سيتحرك "بتواضع وتأمل ذاتي" لإصلاح الخلل الذي شاب المرحلة السابقة من النقاش.
في وقت تتسارع فيه وتيرة التحولات الرقمية وتتكثف فيه التحديات المرتبطة بسوق العمل، تواصل بريطانيا رسم خارطة طريق للذكاء الاصطناعي تقوم على الجمع بين التدريب الشامل، وتمكين الجيل الأكبر سنًا، وحماية الحقوق الفكرية، بما يضمن الاستفادة من التقنية دون التضحية بالأمان الوظيفي أو العدالة الاجتماعية.