بلدة طمرة العربية تدفع ثمناً دموياً للتصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران
وسط معاناة من التمييز في الحماية بين العرب واليهود
دفعت بلدة طمرة العربية الواقعة في شمال إسرائيل ثمناً باهظاً للتصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران، بعدما سقط صاروخ باليستي إيراني على أحد منازلها، موقعاً أربعة قتلى من عائلة واحدة، ومحوّلاً حياة سكانها إلى حالة من الحزن والغضب والخوف.
في مشهد مؤلم، تجمع مئات السكان في أزقة طمرة الضيقة يوم الثلاثاء لمرافقة نعوش الضحايا الخشبية، المزينة بأكاليل الزهور، إلى مقبرة البلدة، ومن بين الضحايا زوجة واثنتان من بنات رجا الخطيب، إضافة إلى زوجة شقيقه وفق فرانس برس.
قال رجا الخطيب والدموع في عينيه: "كنت أتمنى لو أصابني الصاروخ أنا أيضاً... كنت سأكون معهم وتنتهي معاناتي".
ثم أضاف في رسالة إنسانية مؤثرة: "تعلموا مني: لا مزيد من الضحايا، أوقفوا الحرب".
حصيلة ثقيلة ودمار واسع
جاء القصف في إطار خمسة أيام من الهجمات الصاروخية المتبادلة بين إيران وإسرائيل، أودت بحياة ما لا يقل عن 24 شخصاً داخل إسرائيل، وأصابت مئات آخرين، رغم أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية التي اعترضت غالبية الصواريخ والطائرات المسيّرة.
مع ذلك، تمكنت بعض الصواريخ من اختراق الدفاعات، ما أدى إلى أضرار جسيمة في طمرة، وتل أبيب، وبني براك، وبتاح تكفا، وحيفا.

"تمييز" في الحماية بين العرب واليهود
أثار القصف الذي استهدف طمرة سخط الأقلية العربية في إسرائيل، التي تمثل نحو 20% من السكان، ونددت بما وصفته بـالتهميش والإهمال الحكومي في توفير الحماية والملاجئ.
اتهم النائب العربي في الكنيست أيمن عودة الحكومة الإسرائيلية بالتمييز الواضح في التعامل مع المناطق العربية، وكتب عبر منصة "إكس" عقب جولة في طمرة: "الدولة، للأسف، لا تزال تميّز بين الدم والآخر".
وأضاف: "طمرة ليست قرية، بل مدينة بلا ملاجئ عامة، أكثر من 60% من السلطات المحلية -وغالبيتها عربية- تفتقر إلى ملاجئ عامة".
حرب لا تفرّق بين الضحايا
في الوقت الذي تواصل فيه إيران إطلاق الصواريخ يومياً منذ أن بدأت إسرائيل حملتها الجوية المكثفة لمنع طهران من امتلاك القدرة النووية -وهي تهمة تنفيها طهران- يعيش الإسرائيليون، يهوداً وعرباً، تحت الخوف من الهجمات.
وفي المقابل، أدت الضربات الإسرائيلية داخل إيران إلى مقتل أكثر من 224 شخصاً، بينهم قادة عسكريون، وعلماء نوويون، ومدنيون، ما فاقم منسوب التوتر الإقليمي ودفع المجتمع الدولي إلى الدعوة للتهدئة الفورية.
وفي إسرائيل، تحولت الشوارع إلى أماكن مهجورة، أُغلقت فيها المتاجر، ولزم الناس الملاجئ. لكن الوضع في القرى والمدن العربية كان أكثر هشاشة بسبب نقص البنية التحتية للحماية.
نداء إنساني من قلب الألم
رغم هول المصيبة التي ألمّت بعائلته، أطلق رجا الخطيب رسالة تدعو إلى السلام، قائلاً: "لم كل هذه الحروب؟ لنصنع السلام من أجل الشعبين".
وأضاف بأسى: "أنا مسلم. هذا الصاروخ قتل مسلمين، هل فرّق بين يهود ومسلمين؟ لا، عندما يصيب، لا يفرق بين الناس".
العرب في إسرائيل هم بقايا الفلسطينيين الذين ظلوا في أراضيهم بعد قيام إسرائيل عام 1948، ورغم حصولهم على الجنسية الإسرائيلية، يشكون من تمييز مؤسسي في مجالات متعددة منها التخطيط والبنى التحتية، ما يبرز مجدداً في أوقات الأزمات والحروب.