الأمم المتحدة: الشرق الأوسط يتجه نحو "نار لا يمكن إخمادها"
الأمم المتحدة: الشرق الأوسط يتجه نحو "نار لا يمكن إخمادها"
دعت الأمم المتحدة إلى "إعطاء السلام فرصة" في الشرق الأوسط، محذرة من أن التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل قد يجرّ المنطقة بأكملها إلى صراع شامل غير قابل للاحتواء.
وجاء التحذير خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي الجمعة، عُقدت بطلب من إيران تحت عنوان "التهديدات التي تواجه السلم والأمن الدوليين"، وأيدت عقدها كل من الجزائر، والصين، وباكستان، وروسيا وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
المنطقة تنزلق نحو الفوضى
أطلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تحذيرًا صارخًا، قائلًا إن المنطقة لا تواجه مجرد تصعيد عسكري، بل تنزلق سريعًا نحو "الفوضى"، مضيفًا: "اتساع رقعة هذا الصراع قد يشعل نارًا لا يستطيع أحد السيطرة عليها. يجب ألا ندع هذا يحدث".
وأكد أن ما نشهده ليس مجرد سلسلة من الحوادث، بل تصعيد منظم يقود المنطقة نحو الانفجار، وشدد على ضرورة احترام إيران لمعاهدة عدم الانتشار النووي، مشيرًا إلى أن طهران تعلن مرارًا أنها لا تسعى إلى امتلاك سلاح نووي، إلا أن السبيل الوحيد لترسيخ الثقة هو التزام شفاف يخضع للتحقق الدولي.
واختتم كلمته بنداء حاسم: "دعونا لا نسترجع هذه اللحظة الحاسمة بأسف. دعونا نتحرك بمسؤولية ومعًا، لإنقاذ المنطقة وعالمنا من حافة الهاوية".
صراع شامل
استعرضت روزماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، تداعيات التصعيد العسكري، مشيرة إلى سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى في كلا البلدين.
وأكدت أن إيران أعلنت عن مقتل 224 شخصًا وإصابة أكثر من 2500 آخرين في غارات إسرائيلية حتى 19 يونيو، في حين تحدثت إسرائيل عن مقتل 24 شخصًا وإصابة 915 نتيجة ضربات إيرانية.
ونبّهت إلى اتساع رقعة التأثير، مشيرة إلى إطلاق صواريخ من الحوثيين في اليمن وتصاعد التوترات في العراق. كما حذّرت من تداعيات اقتصادية عالمية، خصوصًا في حال تعطل الملاحة في مضيق هرمز، شريان النفط الحيوي للعالم.
ضرب المنشآت النووية
قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إن الهجمات الإسرائيلية على منشآت نووية إيرانية أدت إلى "تدهور حاد في السلامة والأمن النوويين"، مشيرًا إلى استخدام ذخائر خارقة للأرض تسببت بأضرار هيكلية.
وأضاف: "الضربات على محطة بوشهر للطاقة النووية، أو على منشآت في طهران، قد تؤدي إلى انبعاث إشعاعي كبير يستدعي الإخلاء والتدخل الطارئ".
ودعا مجلس الأمن إلى دعم جهود استعادة عمليات التفتيش الدولية، مؤكدًا أن الوكالة "لن تقف مكتوفة الأيدي".
مخاوف من انفجار إقليمي
اتهم السفير الإيراني أمير سعيد إيرواني إسرائيل بشن هجوم غير مبرر استهدف بنى تحتية مدنية، بينها مستشفيات وهيئة البث الوطنية، واصفًا إياه بـ"الإرهاب المنظم وجرائم الحرب".
وحذر من أن الضربات على منشآت نووية سلمية تمثل "اعتداءً على نظام منع الانتشار"، داعيًا مجلس الأمن إلى التحرك بموجب الفصل السابع لوقف ما وصفه بـ"العدوان الإسرائيلي"، محملًا الولايات المتحدة جزءًا من المسؤولية عن التصعيد.
إسرائيل: تحركنا دفاعاً عن النفس
برر السفير الإسرائيلي داني دانون ضربات بلاده باعتبارها إجراءً دفاعيًا أخيرًا لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، متهمًا طهران بالسعي لتغيير النظام العالمي عبر التهديد والصواريخ.
وأضاف أن إسرائيل استهدفت منشآت عسكرية بدقة، في حين تواصل إيران استهداف مدنيين في عمليات وصفها بـ"العشوائية والبربرية"، مؤكدًا أن تل أبيب لن تعتذر عن حماية مواطنيها.
وقالت القائمة بأعمال المندوبة الأمريكية دوروثي شيا، إن طهران أصبحت قريبة من امتلاك سلاح نووي، مشددة على أن "كل ما تحتاجه هو قرار من المرشد الأعلى". وأكدت أن واشنطن، رغم عدم مشاركتها المباشرة في الضربات، تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
واتهمت شيا إيران بإشعال المنطقة ونشر الفوضى، داعية مجلس الأمن إلى الضغط لتغيير مسار طهران والتخلي عن طموحاتها النووية.
تطور الصراع وحافة الانفجار
بدأت التوترات النووية بين إيران والغرب منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 2018، وما تبعه من تراجع طهران عن التزاماتها بموجب الاتفاق، على مدى السنوات الماضية، تصاعدت الاتهامات المتبادلة بشأن تخصيب اليورانيوم، ودخلت إسرائيل على الخط بتكثيف الهجمات السرية والمباشرة على أهداف إيرانية.
وفي يونيو 2025، شهدت المنطقة أسوأ تصعيد منذ سنوات، مع تبادل ضربات عسكرية مباشرة بين إسرائيل وإيران لأول مرة بشكل معلن، وسط تحذيرات متزايدة من أن امتداد النزاع إلى دول الجوار، وخصوصًا في الخليج واليمن والعراق، قد يشعل حربًا إقليمية واسعة النطاق، وربما تهدد النظام العالمي للأمن ومنع الانتشار النووي.