السودان.. بادرة أمل جديد على وقع رفع حالة الطوارئ والإفراج عن المسجونين

السودان.. بادرة أمل جديد على وقع رفع حالة الطوارئ والإفراج عن المسجونين

بمرسوم دستوري يقضي برفع حالة الطوارئ، يستهل السودان خطوة جديدة على طريق إنهاء الأزمة السياسية في البلاد.

والأحد، أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبدالفتاح البرهان، مرسوما برفع حالة الطوارئ لتهيئة المناخ لحوار وطني من أجل إنهاء الأزمة السياسية الراهنة.

ومنذ 25 أكتوبر 2021، يعيش السودان أزمة سياسية خانقة جراء فرض إجراءات استثنائية منها إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء و"اعتقال" وزراء وسياسيين وإقالة الولاة.  

ووفق ما يراه مراقبون فإن قرارات مجلس السيادة السوداني، تأتي استجابة لضغوط دولية حاسمة تمارس على البلاد طوال 7 أشهر بهدف العودة إلى المسار الديمقراطي مجددا. 

بدورها، رحبت دول الترويكا (الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج) في بيان الاثنين، بالإفراج عن “المعتقلين” ورفع حالة الطوارئ، داعية السلطات السودانية إلى وقف استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين.

وثمنت الآلية الثلاثية (تضم بعثة الاتحاد الإفريقي، والبعثة الأممية للسودان "يونيتامس"، والهيئة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا "إيغاد") رفض حالة الطوارئ والإفراج عن “المعتقلين” باعتباره إجراء يساهم في تهيئة المناخ لحوار سياسي شامل. 

وأضافت الآلية الثلاثية في بيان الاثنين: "نشجع السلطات على استكمال الإفراج عن المعتقلين واتخاذ مزيد من الخطوات لضمان الحقوق والحريات، ووضع حد للاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين".

وأطلقت الآلية الثلاثية للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا (إيغاد) في 12 مايو الجاري، حوارا وطنيا لمعالجة الأزمة السياسية الراهنة في السودان. 

خطوة غير كافية

بدوره قال المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم سابقا) بالسودان شهاب الطيب، إن قرار رفع حالة الطوارئ والإفراج عن بعض المعتقلين، يمثل محاولة لإزالة بعض آثار انقلاب 25 أكتوبر الماضي.

وأضاف الطيب لـ"جسور بوست" أن "هذه الخطوة تأتي استجابة لضغوط كبيرة يمارسها المجتمع الدولي، بالتزامن مع تصاعد الغضب الجماهيري على العسكريين، لتهيئة المناخ لحوار سياسي في أسرع وقت ممكن".

وأكد أن "صبر المجتمع الدولي نفد من كثرة المحاولات للتوفيق بين الأطراف المختلفة خلال الشهور الماضية، فبدأ يمارس ضغوطًا كبيرة على العسكريين لحل الأزمة". 

وقال الطيب: "نظن أن قرار رفع الطوارئ والإفراج عن المعتقلين ليس إلا محاولة من العسكريين لتهدئة الأوضاع وتخفيف الضغوط، لأنه لا تزال القرارات التي صاحبت الطوارئ موجودة".

وأوضح أن أهم تلك القرارات هو عودة جهاز المخابرات والأمن الوطني بصلاحيات وممارسات قمعية، وإنهاء إعادة تمكين عناصر النظام البائد لخلق حاضنة سياسية واجتماعية للعسكريين. 

وأضاف أنه "لا بد من إكمال إجراءات تهيئة المناخ بإصدار مراسيم دستورية، تسهل الدخول في عملية سياسية حقيقية وليست صورية، وتعمل على تهيئة المناخ للتحول الديمقراطي".

وأكد أن قوى "الحرية والتغيير" في تواصل دائم مع المجتمع الدولي والآلية الثلاثية، وأنها طرحت قبل أسبوعين، أن تشمل الحوارات السياسية طرفي الأزمة فحسب (قوى الحرية والتغيير والعسكريين)، سيما وأن توسيع الحوار لن يصل إلى نتائج. 

وأوضح أن قوى الحرية والتغيير ستطرح اليوم الثلاثاء رؤيتها حيال العملية السياسية، أبرزها أن تشمل الآلية الدولية جميع الأطراف المعنية بالسودان كالسعودية والإمارات وإثيوبيا وجنوب السودان وإرتريا وجنوب إفريقيا وغيرها. 

وقال الطيب: "نحن نثق أن الضغط الدولي القوي والحاسم بالتزامن مع تصاعد الحراك الجماهيري الداخلي، سيجبران العسكريين على التراجع، والعودة إلى الالتزام بشروط العملية السياسية". 

وأضاف أن "أهم تلك الشروط هو عودة مسار التحول المدني الديمقراطي بتشكيل حكومة مدنية كاملة، وهو ما سنصل إليه بزيادة الضغوط على العسكريين في البلاد". 

توحيد القوى المدنية

من جانبه، قال الباحث السياسي السوداني، عمر آدم لـ"جسور بوست": "يبدو أن الضغوط الدولية على مجلس السيادة بدأت تؤتي بثمارها"، مشيرا إلى أن استمرار الاحتجاجات ساعدت القوى الدولية في الضغط على السلطات لتهدئة الأوضاع. 

وأضاف آدم: "رفع حالة الطوارئ والإفراج عن المعتقلين السياسيين مهم لكنه ليس كافيًا لتهيئة الأجواء لإجراء حوار سياسي حقيقي، فالمشهد في السودان معقد، ويضم فاعلين كُثر".

وأكد أننا بفضل الضغوط الدولية والحراك في الشارع، سنشهد تنازلات من العسكريين وقبول بتحقيق بعض مطالب القوى المدنية، قائلا: "لكن لا أعتقد أن يتنازل العسكريون كثيرًا". 

وتابع: "من الصعب أن نصل إلى ما ترجوه القوى السودانية من تسليم السلطة للمدنيين، فالمجلس السيادي لن يقبل بذلك مهما كلفه الأمر ومهما تحمل من ضغوط، وعلينا وضع تصور تدريجي للمسار الديمقراطي". 

وقال إن "العسكريين استطاعوا منذ قرارات 25 أكتوبر الماضي تشكيل نواة لحاضنة اجتماعية وسياسية لهم، تتمثل في المجموعات المسلحة التي تندرج تحت اتفاق جوبا للسلام". 

وأوضح أن الظروف الاقتصادية المتردية والحراك الشعبي المتزايد مع الضغوط الدولية، ستجبر المجلس السيادي على العودة إلى نقطة المشاركة في السلطة، وهذا يستوجب توحيد القوى المدنية على رؤية موحدة حتى لا يدور السودان في حلقة مفرغة. 

وأشار إلى أن قوى الحرية والتغيير والقوى الرافضة لانقلاب 25 أكتوبر، عليها أن تعي جيدًا أن المكاسب السياسية لا تتحقق بالضربة القاضية، وأن العسكريين يتمتعون ببعض الدعم الإقليمي والدولي، وبالتالي من الصعب استبعادهم من المشهد تمامًا. 

ومنذ 25 أكتوبر 2021، يشهد السودان احتجاجات شعبية تطالب بعودة الحكم المدني الديمقراطي وترفض الإجراءات الاستثنائية التي يعتبرها الرافضون "انقلابا عسكريا".

ونفى قائد الجيش عبدالفتاح البرهان صحة اتهامه بتنفيذ انقلاب عسكري، وقال إن إجراءاته تهدف إلى "تصحيح مسار المرحلة الانتقالية"، وتعهد بتسليم السلطة عبر انتخابات أو توافق وطني.

وقبل تلك الإجراءات كان السودان يعيش منذ 21 أغسطس 2019 مرحلة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024.

وكان من المفترض أن يتقاسم السلطة خلال تلك المرحلة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية