مقتل أكثر من 50 عاملاً إثر انهيار منجم ذهب شرقي السودان

مقتل أكثر من 50 عاملاً إثر انهيار منجم ذهب شرقي السودان
منجم ذهب شرقي السودان - أرشيف

لقي ما لا يقل عن 50 عاملاً في مجال التعدين التقليدي مصرعهم، السبت، إثر انهيار مروّع لأحد المناجم البدائية في منطقة "هويد" الصحراوية، الواقعة بين مدينتي عطبرة وهيا شرقي السودان، في حادثة تصنّف ضمن أفدح كوارث قطاع التعدين الأهلي في البلاد خلال السنوات الأخيرة.

وأفادت مصادر محلية وشهود عيان نقلت عنهم صحيفة "الراكوبة" السودانية، اليوم الأحد، أن الكارثة وقعت حينما انهارت كميات ضخمة من الرمال والصخور على العشرات من العمال الذين كانوا ينقبون عن الذهب داخل حفرة عميقة في منجم تقليدي، وسط ظروف عمل بدائية وخالية من أي تدابير للسلامة أو إشراف مهني.

وأكد الشهود أن عمليات الإنقاذ كانت بدائية وبطيئة للغاية، بسبب غياب المعدات الثقيلة والكوادر الفنية المختصة، ما زاد من عدد الضحايا الذين دُفنوا تحت الأنقاض لساعات طويلة دون تدخل فوري.

وتمكنت فرق إنقاذ أهليّة من انتشال عشرات الجثث حتى مساء السبت، في حين لا تزال عمليات البحث مستمرة في أجواء من الحزن والانهيار بين الأهالي الذين هرعوا إلى الموقع من المناطق المجاورة.

تكرار الكوارث وضعف الرقابة

وأعادت هذه الكارثة إلى الواجهة التحذيرات المتكررة التي أطلقتها منظمات حقوقية ونشطاء بشأن الفراغ التنظيمي وغياب الرقابة الرسمية في مناطق التعدين التقليدي، وهو القطاع الذي يشكل مصدر رزق رئيسي لآلاف الأسر السودانية، لكنه في الوقت ذاته يعد من أكثر القطاعات دموية بفعل تكرار الانهيارات والانفجارات دون أي استجابة فاعلة من الجهات المختصة.

وتُعد منطقة "هويد" من أكثر المناطق نشاطًا في التعدين الأهلي، حيث ينتشر التنقيب العشوائي عن الذهب بكثافة دون ترخيص أو إشراف حكومي. وسبق أن شهدت المنطقة انهيارًا آخر في أبريل الماضي تسبب في وقوع إصابات وخسائر مادية، دون أن يتبعه أي تدخل رسمي جاد أو تعزيز لتدابير السلامة.

وطالب أهالي الضحايا وناشطون في مجال حقوق الإنسان بفتح تحقيق مستقل وشفاف حول ملابسات الانهيار، مع محاسبة المتورطين في الإهمال الجسيم، ودعوا إلى وضع خطة وطنية عاجلة لتنظيم قطاع التعدين التقليدي وفرض رقابة صارمة على عمليات التنقيب.

وشددوا على ضرورة توفير وسائل الحماية وفرق إنقاذ متخصصة في مواقع التعدين، خاصة في المناطق النائية التي تفتقر لأبسط الخدمات والبنى التحتية، ما يزيد من هشاشة البيئة التي يعمل بها المعدّنون.

واقع مأساوي للتعدين

وتنتشر أنشطة التعدين الأهلي في أكثر من 14 ولاية سودانية، وتتم غالباً بأساليب بدائية ووسائل خطِرة، في ظل تقاعس رسمي مزمن عن تقنين القطاع أو حماية العاملين فيه، ما يجعل السودان من أكثر الدول تسجيلاً لحوادث المناجم التقليدية في إفريقيا.

يُذكر أن قطاع التعدين الأهلي يشكّل نحو 80% من إنتاج السودان من الذهب، لكنه يُدار بشكل غير رسمي ويغيب عنه الحد الأدنى من معايير السلامة، وسط استغلال حاد لحاجة المواطنين للرزق في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.

وتنتظر أسر الضحايا، كما المجتمع المحلي، رداً حكومياً يرقى إلى حجم الكارثة، في وقت لا تزال فيه مئات العائلات تخشى على ذويها المصير ذاته في مواقع تعدين لا تخضع لأي نوع من الرعاية أو التنظيم أو الإشراف.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية