خبيرة أممية تدعو لمعاقبة كل من يروّج لمعلومات مضللة عن أزمة المناخ
خبيرة أممية تدعو لمعاقبة كل من يروّج لمعلومات مضللة عن أزمة المناخ
أطلقت الخبيرة في الأمم المتحدة إليسا مورغيرا دعوة حادة وصريحة لمعاقبة كل من يروّج لمعلومات مضللة عن أزمة المناخ، مشددة على ضرورة فرض حظر تام على جماعات الضغط والإعلان التابعة لصناعة الوقود الأحفوري، في خطوة وصفتها بـ"إعادة هيكلة جذرية" لحماية حقوق الإنسان من الانهيار البيئي المتسارع.
وقدّمت إليسا مورغيرا، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان وتغير المناخ، تقريرها الجديد إلى الجمعية العامة في جنيف اليوم الاثنين، داعية إلى التخلص التدريجي الكامل من النفط والغاز والفحم بحلول عام 2030، لا سيما في الدول الغنية المنتجة لها مثل الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وكندا، وأستراليا، وفق صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وأكدت أن هذه الدول ملزمة قانونًا بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، ليس فقط بالتوقف عن استخدام الوقود الأحفوري، بل أيضًا بتقديم تعويضات للمجتمعات المتضررة من آثاره طويلة الأمد.
فرض عقوبات على التضليل
اتهمت مورغيرا، أستاذة القانون البيئي العالمي في جامعة ستراثكلايد، شركات الوقود الأحفوري وشركاءها بأنها قوضت بشكل منهجي حماية حقوق الإنسان على مدار ستة عقود، من خلال حملات تضليل، واستغلال سياسي واقتصادي واسع.
ودعت إلى فرض عقوبات جنائية على التضليل والتحريف الذي تمارسه هذه الشركات وشركات الإعلان والإعلام المرتبطة بها، كما طالبت بحظر إعلاناتها ومنع تمثيلها في عمليات صنع القرار، بما في ذلك مؤتمرات المناخ السنوية التابعة للأمم المتحدة.
وقالت: "ما يبدو جذريًا الآن، كالتحول التام نحو الطاقة المتجددة، هو في الحقيقة الخيار الأرخص والأكثر صحةً لمجتمعاتنا".
سطوة الوقود الأحفوري
يرى التقرير أن مجرد التحول إلى الطاقة النظيفة لا يكفي، بل يجب "إزالة الوقود الأحفوري" بالكامل من جميع القطاعات، بما يشمل السياسة، والتمويل، والغذاء، والإعلام، والتكنولوجيا والمعرفة.
وشددت مورغيرا على أن دعم صناعة الوقود الأحفوري –الذي تجاوز 1.4 تريليون دولار في عام 2023– يعزز الظلم المناخي، ويمنح امتيازات غير مستحقة لشركات تسببت في الكارثة المناخية بينما لم تسهم في تقليص الفقر أو عدم المساواة.
وأشار التقرير إلى أن المجتمعات الأصلية والدول الجزرية والفئات الريفية الهشة، تعاني اليوم من أسوأ تداعيات أزمة المناخ، رغم أنها لم تكن المستفيدة من أنشطة الوقود الأحفوري، وفي المقابل، حققت شركات النفط والغاز أرباحًا ضخمة في عام 2023 وصلت إلى 2.4 تريليون دولار، بينما جنت شركات الفحم 2.5 تريليون دولار، بحسب الأرقام الواردة في التقرير.
دعوة إلى العدالة المناخية
شدد التقرير على ضرورة إعادة الأراضي المستولى عليها لعمليات الوقود الأحفوري إلى المجتمعات الأصلية، أو تعويضهم بشكل عادل، إلى جانب إلزام الشركات بتمويل جهود التكيّف مع المناخ وتعويض الخسائر عبر آليات دولية مباشرة.
واقترح التقرير الحصول على التمويل عبر ضرائب على الأرباح لشركات الوقود الأحفوري، وفرض عقوبات على الأضرار المناخية، ومكافحة التهرب الضريبي، كطرق لإنصاف المتضررين.
المناخ قضية حقوق إنسان
سلّطت مورغيرا الضوء على الارتباط المباشر بين دورة حياة الوقود الأحفوري والانتهاكات الجسيمة للحقوق الأساسية مثل الحق في الحياة، والصحة، والماء، والغذاء، والتعليم، والسكن، وتقرير المصير، مؤكدة أن المعركة ضد أزمة المناخ يجب أن تُخاض كمعركة من أجل حقوق الإنسان أولًا وأخيرًا.
وقالت مورغيرا في ختام تقريرها: "على الدول أن تبلّغ شعوبها بالحقائق، وأن تتخذ إجراءات جذرية لحماية حقوقهم لا أرباح الشركات".
تُعد إليسا مورغيرا أول مقررة أممية مختصة بحقوق الإنسان وتغير المناخ، عُيّنت في هذا المنصب عام 2022، ويأتي تقريرها في لحظة حرجة من تاريخ العمل المناخي، إذ تُواجه الحكومات ضغوطًا متزايدة من العلماء والناشطين لاتخاذ خطوات أكثر جرأة، بعد فشل مسارات خفض الانبعاثات الحالية في وقف تسارع الاحترار العالمي.
وتُثير دعواتها إلى تجريم التضليل، وحظر جماعات الضغط، وفرض ضرائب تعويضية على الصناعة جدلاً واسعًا، بين من يراها خطوة ضرورية للحفاظ على الحياة، ومن يتهمها بالراديكالية المفرطة، رغم أن التقرير يؤكد أن هذه الإجراءات تستند إلى التزامات قانونية قائمة في معاهدات حقوق الإنسان الدولية.