"إيران إنترناشيونال": سجناء إيرانيون يواجهون نقلاً تعسفياً ومعاملة مهينة
"إيران إنترناشيونال": سجناء إيرانيون يواجهون نقلاً تعسفياً ومعاملة مهينة
واجه عدد من السجناء السياسيين في إيران أوضاعًا وصفت بـ"الكارثية" بعد نقلهم من سجن إيفين إلى سجن طهران الكبير وسجن قرتشك ورامين، عقب ثمانية أيام من الهجوم الجوي الذي نفّذته إسرائيل ضد منشآت أمنية داخل سجن إيفين، بحسب ما ذكر موقع "إيران إنترناشيونال"، اليوم الثلاثاء.
وتسبّب القصف، الذي نُفّذ أواخر يونيو الماضي، في حالة استنفار داخل النظام الإيراني، دفعت سلطاته الأمنية إلى اتخاذ إجراءات وصفتها منظمات حقوقية بأنها "انتقامية" بحق السجناء.
وأكّدت مصادر مطلعة لـ"إيران إنترناشيونال"، أن عشرات المعتقلين السياسيين تم توزيعهم على أقسام تفتقر إلى أدنى المعايير الصحية والإنسانية داخل سجن طهران الكبير، حيث يُحتجز البعض منهم في القاعات رقم 2 التي وُصفت بأنها "قعر الجحيم"، واعتُبر نمط المعاملة بحقهم مماثلاً لما يُمارس ضد "أسرى الحروب" وليس معتقلي رأي.
نداء استغاثة للعالم
روت زهرا رحيمي، زوجة السجين السياسي البارز أبو الفضل قدیاني، البالغ من العمر 80 عامًا، تفاصيل مروعة عن مكان احتجاز زوجها في سجن طهران الكبير، مشيرةً إلى أن الماء المتوفر للشرب مالح وغير صالح للاستهلاك، وأن الحشرات مثل الصراصير والبقّ تنتشر بكثافة في الزنازين، ما يقضي على أي إحساس بالراحة أو الكرامة.
وأوضحت أن أكثر من عشرة سجناء يتقاسمون مساحة ضيقة لا تتسع إلا لعدد محدود من الأسرّة، ما يضطر العديد منهم للنوم على الأرض وسط ظروف حرارية خانقة، وانعدام أي تهوية ملائمة.
وتعكس هذه الشهادات الواقع المتدهور بسرعة في أحد أكبر سجون إيران، وتثير القلق بشأن نية النظام الإيراني في التعامل مع السجناء السياسيين كرهائن أو أدوات ضغط بعد التصعيد العسكري الأخير مع إسرائيل.
الوضع الصحي والحقوقي
نشرت مجموعة من السجناء السياسيين، بينهم حسين شنبه زاده، أبو الفضل قدیاني، مهدي محموديان، ومطلب أحمديان، بيانًا وصفوا فيه عملية نقلهم القسري من سجن إيفين بـ"الإهانة المتعمدة"، مشيرين إلى أن السلطات لم توفر لهم حتى الحد الأدنى من الشروط الصحية أو الحقوق القانونية.
وأكّد البيان أن الظروف غير الإنسانية داخل سجني قرتشك وطهران الكبير "لم تتغير منذ اليوم الأول"، وشدّد على أن النظام الإيراني يواصل سياسة الترهيب والتضييق الممنهج، بدلًا من الانخراط في مراجعة حقوقية أو إنسانية، واعتبر السجناء أن هذه الممارسات تندرج ضمن "حملة قمع واسعة" تتزامن مع التصعيد الإقليمي والعسكري.
وأصدرت كل من غولرخ إيرائي، وريحانة أنصاري، ووريشه مرادي -وهنّ سجينات سياسيات نُقلن بعد القصف إلى سجن قرتشك- بيانًا مشتركًا أكّدن فيه أن ما يتعرضن له من معاناة داخل السجن ليس أشدّ مما يعيشه الشعب الإيراني برمّته.
وطالبت السجينات، في بيانهن، المجتمع المدني المحلي والدولي بالتركيز على تحسين ظروف جميع المعتقلين، مؤكدات أن "المنسيين تحت الأنقاض جراء الهجوم، والمهمّشين في مواجهة الحياة القاسية، أولى بالاهتمام منّا".
وتابعت: "لن تثنينا هذه الظروف عن مواصلة النضال ضد الظلم، وضد التمييز، وضد هذا النظام".
السلطات أمام اختبار أخلاقي
حذّر عدد من السجناء السياسيين المحتجزين في سجن طهران الكبير من أنهم يدرسون الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام، بل واعتصام جماعي، إذا استمرت أوضاعهم الصحية المتدهورة، واستمر النظام في تجاهله لمطالبهم الأساسية من دواء وطعام نظيف ومساحة آمنة للمعيشة.
وأكّد الناشط السياسي حسين رزاق، في منشور عبر منصة "إكس"، أن هذا التهديد بالإضراب يمثل إنذارًا خطيرًا للسلطات، داعيًا إلى تحرك عاجل لتفادي كارثة إنسانية داخل السجن.
وأشار الصحفي والناشط الحقوقي رضا أكوانیان، لـ"إيران إنترناشيونال"، إلى أن السجناء لجؤوا إلى الإضراب بعد أن استنفدوا كل الوسائل، واصفًا إياه بـ"الخيار المؤلم والخطير، لكنه المتاح الوحيد لإيصال الصوت من خلف الجدران".
منظمات حقوقية ترصد
بثّت منظمة حقوق الإنسان في إيران مقطع فيديو يوثق الظروف المهينة داخل سجن طهران الكبير، ما عزّز الشهادات المتداولة حول انعدام الخدمات الأساسية والافتقار للنظافة والرعاية الطبية.
ودعت منظمات حقوقية دولية، في بيانات متفرقة، النظام الإيراني إلى وقف سياسة العقاب الجماعي للسجناء السياسيين، وضمان احترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان في أماكن الاحتجاز.
وناشدت المنظمات حقوقية، الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان إرسال بعثة عاجلة للتحقيق في الأوضاع داخل السجون الإيرانية بعد قصف سجن إيفين.