رصاص ضد الجوعى.. تحقيق أمريكي يكشف "عسكرة المساعدات" في غزة

رصاص ضد الجوعى.. تحقيق أمريكي يكشف "عسكرة المساعدات" في غزة
نقل الضحايا في غزة

كشفت وكالة أسوشييتد برس الأمريكية في تقرير استقصائي صادم أن المتعاقدين الأمريكيين الذين أوكلت إليهم مهمة تأمين مواقع توزيع المساعدات في قطاع غزة، استخدموا الرصاص الحي والقنابل الصوتية ورذاذ الفلفل ضد المدنيين الفلسطينيين أثناء تدافعهم للحصول على الغذاء، في مشاهد وصفها مراقبون بأنها عسكرة كاملة لعملية الإغاثة.

ونقلت الوكالة، الخميس، عن متعاقدَين أمريكيَّين -فضّلا عدم الكشف عن هويتهما لأسباب أمنية- قولهما إنهما تقدما بشكاوى إلى شركتيهما بسبب ما وصفاه بـ"الممارسات الخطيرة وغير المسؤولة" في مواقع توزيع المساعدات. 

وأوضح أحدهما أن الذخيرة كانت تُطلق في كل الاتجاهات، ليس فقط لتفريق الحشود، بل أحيانًا نحو الناس أنفسهم، قائلاً: "أُصيب أبرياء بجروح خطيرة ومن دون داعٍ.. فقط لأنهم كانوا يحاولون الحصول على الطعام".

واعترف المتعاقدان بأن أفراد الأمن المعينين كانوا غالبًا غير مدربين أو مدققين، رغم أنهم مسلحون تسليحًا كاملًا ويتمتعون بصلاحيات واسعة "لفعل ما يحلو لهم".

رصاص وسط الجوع

وقدّمت الوكالة مقاطع فيديو صوّرها أحد المتعاقدين تُظهر مئات الفلسطينيين يتدافعون عبر بوابات معدنية وسط أصوات الرصاص والقنابل الصوتية ودخان غاز الفلفل. 

وتُظهر بعض المقاطع رجالاً يتحدثون الإنجليزية وهم يناقشون "أساليب تفريق الحشود"، بينما يسمع أحدهم وهو يقول لزميله: "أحسنت، طلقة ممتازة".

هذا التوثيق، إلى جانب تقارير داخلية ورسائل نصية حصلت عليها "أسوشيتد برس"، يلقي الضوء على الطبيعة العدوانية والمُسيسة لما يُعرف بمؤسسة غزة الإنسانية، وهي الآلية الأمريكية-الإسرائيلية لتوزيع المساعدات في غزة، والتي واجهت انتقادات متصاعدة من الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية.

"مصايد موت" باسم الإغاثة

ووصفت وكالات دولية -من بينها الأونروا- هذه النقاط بأنها "مصايد موت" تتحول فيها الحاجة إلى الطعام إلى خطر على الحياة. وقالت الوكالة الأممية في بيان حديث إن الفلسطينيين يتعرضون لـ"إطلاق نار ودهس" أثناء محاولتهم الوصول إلى حصص غذائية محدودة، في ظروف تهين الكرامة الإنسانية.

وطالبت الأونروا بفتح تحقيق دولي في حالات القتل والإصابة بين طالبي الغذاء، رفع الحصار فورًا عن غزة، ضمان سلامة وكرامة عمليات توزيع المساعدات، بعيدًا عن أي طابع عسكري، والسماح الكامل للأمم المتحدة والهيئات الإنسانية بالعمل دون عراقيل.

ويرى مراقبون أن عسكرة الإغاثة في غزة تكشف جانبًا مظلمًا من السياسات الغربية تجاه القطاع المحاصر، حيث تتحول قوافل المساعدات إلى أدوات ضغط سياسي، و"الأمن" إلى ذريعة لممارسات قاتلة. 

مسؤولية الجهات المانحة

ويعيد هذا النقاش إلى الواجهة الأسئلة القديمة حول مسؤولية الجهات المانحة، وتوظيف المساعدات لأهداف عسكرية، وتغليب "المنظور الأمني" على الحسابات الإنسانية.

يُذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي يُتهم فيها النظام الأمريكي-الإسرائيلي بإساءة إدارة المساعدات في غزة. لكن توثيق هذه الانتهاكات بالصوت والصورة من داخل آلية التوزيع نفسها، قد يشكل تحولًا نوعيًا في المحاسبة، ويدفع بمطالب إجراء تحقيق دولي عاجل.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية