بين النار والنجاة.. مهاجر إفريقي يخاطر بحياته لإنقاذ عائلة من الموت في باريس

بين النار والنجاة.. مهاجر إفريقي يخاطر بحياته لإنقاذ عائلة من الموت في باريس
فوسينو سامبا ومشاهد من عملية الإنقاذ

في أحد أحياء باريس الشعبية، وبين لهب مشتعل ودخان يخنق الأنفاس، وقعت ليلة الجمعة 4 يوليو لحظة إنسانية نادرة تضيء وسط العتمة، تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما خاطر شاب مهاجر من أصول إفريقية بحياته لينقذ عائلة فرنسية حوصرت في الطابق السادس من مبنى يلتهمه الحريق.

في شارع "دو لا شابيل"، حيث اندلع الحريق بشكل مفاجئ في الطابق الثاني، تصاعدت ألسنة اللهب بسرعة، لتحاصر عائلتين في الطوابق العليا وسط صرخات وارتباك وخوف.

لكن من بين هذه الفوضى، برزت شجاعة المهاجر الإفريقي فوسينو سامبا، الذي لم ينتظر تعليمات أو معدات، بل خرج من نافذته، وسار على حافة ضيقة بالكاد تتسع لقدميه، بين السماء والنار، وهناك، في لحظات خالدة، مد يديه وانتشل رضيعًا، ثم آخر، وساعد طفلًا ثالثًا، قبل أن يمد ذراعه للأم المذعورة لتتبعه نحو الحياة.

لا وقت للتردد

قال فوسينو في تصريحات لقناة TF1 وهو لا يزال يرتجف: "لم أفكر كثيرًا.. الجسد تحرك وحده، رأيت طفلين صغيرين، ولم يكن لدي وقت للتردد، كنت أعلم أنني أخاطر، لكن كان لا بد من المحاولة".

مشهد الإنقاذ الذي وثقته جارة بالكاميرا انتشر كالنار في الهشيم على "تيك توك" ومواقع التواصل، وحوّل فوسينو إلى رمز بطولي في فرنسا، ليس فقط لشجاعته، بل للإنسانية التي تقفز فوق الحدود والجنسيات.

حتى وزيرة العدل الفرنسية علقت قائلة: "في زمن تتراجع فيه الروابط الإنسانية، ما فعله هذا الشاب يذكرنا بجوهرنا.. هو بطل بكل معنى الكلمة".

السيطرة على الحريق

فرق الإطفاء وصلت لاحقًا وسيطرت على الحريق، وتم إجلاء جميع السكان، فيما نُقل 13 شخصًا للعلاج من آثار استنشاق الدخان، بينهم الأطفال الذين أنقذهم فوسينو، أما العائلة، فقد نقلت إلى مستشفى روبرت-ديبري لتلقي الرعاية.

ولا تزال السلطات الفرنسية تحقق في أسباب الحريق، في حين وفّرت بلدية باريس مساكن بديلة للمتضررين، وعددهم 18 شخصًا.

وفي وقت يفيض العالم فيه بالأخبار القاتمة، يظل ما فعله فوسينو سامبا تذكيرًا قويًا بأن البطولة الحقيقية لا تحتاج إلى زي رسمي، بل إلى قلب نابض بالإنسانية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية