غالبيتهم نساء وأطفال ومهاجرون.. لماذا تتحول مواقع العمل في تركيا إلى مقابر مفتوحة للعمال؟

غالبيتهم نساء وأطفال ومهاجرون.. لماذا تتحول مواقع العمل في تركيا إلى مقابر مفتوحة للعمال؟
العمل في تركيا - أرشيف

تعاني تركيا أزمة عمل متشابكة بين ضعف تنفيذ الأنظمة، وتعاظم العمل غير الرسمي، والتهميش الاقتصادي للعمال، خاصة النساء والأطفال والمهاجرين، ما يستدعي ضرورة التوجه السريع نحو تطبيق فعال لقوانين السلامة المهنية.

وأفاد تقرير لمجلس الصحة والسلامة المهنية "İSİG" عن يونيو 2025، والذي نُشر اليوم الأربعاء، بوفاة 164 شخصًا (من بينهم 15 امرأة) جرّاء حوادث في مواقع العمل بتركيا، ما يسلّط الضوء على مدى تفاقم هشاشة إجراءات السلامة المهنية، خصوصًا في القطاعات غير الرسمية والخاضعة لرقابة محدودة.

وكشف تقرير "İSİG" عن أن تركيا سجلت 137 حالة وفاة في يونيو 2024، تبعها 164 حالة جديدة خلال شهر يونيو الماضي، فيما تم تسجيل 121 حالة في فبراير، مشيرًا إلى ثبات مستويات الوفيات العالية مقارنة بمعدلات السنوات السابقة.

وفي عام 2024، لقي 1,929 شخصًا حتفهم في ظروف عمل، من بينهم 106 نساء، 90 مهاجرًا، و54 طفلًا؛ ما يشير إلى أن هذه الأزمة تصيب الفئات الأضعف دون تمييز.

القطاعات الأخطر

يشكّل قطاع البناء أكثر من ربع الوفيات، معظمها كانت نتيجة السقوط من ارتفاعات أو انهيار المنشآت، ما يعكس ضعف تطبيق معايير السلامة.

وشكلت الزراعة نحو 23% من الحوادث في يونيو الماضي، نتيجة النقل غير الآمن واعتماد المعدات القديمة.

ونتجت نصف وفيات يونيو عن حوادث المركبات، بما في ذلك الدراجات النارية وسائقو الحافلات والمناديب والذين يعملون في ظروف هشّة.

الفئات الأكثر عرضة

جاءت النساء في مقدمة الفئات الأكثر عرضة للخطر، رغم تمثيلهن نحو 2% من إجمالي وفيات العمل حسب سجلات المؤسسة العامة للتأمين، إلا أن تقديرات İSİG تشير إلى أن العدد الحقيقي أعلى بثلاث إلى أربع مرات بسبب بيئات العمل غير الرسمية، بحسب ما كشف موقع "تركيا اليوم". 

وتم الكشف عن وفاة 33 طفلًا خلال النصف الأول من العام الماضي 2024، وحتى فبراير 2025، حيث استمرت الحال بتسجيل وفيات دون سن 18، وجاء في المرتبة التالية العمال المهاجرون، حيث تعرض 33 مهاجرًا للوفاة في النصف الأول من 2024، وغالبيتهم من سوريا وأفغانستان وإيران.

وفي المرتبة الرابعة حل العمال غير المنظمين، والذين لا ينتمون إلى نقابات أو يعملون دون عقود، حيث تبين أنهم من بين الفئات الأكثر تعرضًا للخطر؛ إذ يفتقرون إلى التدريب والضمانات القانونية.

هشاشة النظام القانوني

اتفق الخبراء على أن 98% من حوادث العمل في تركيا قابلة للتجنب عبر تطبيق إجراءات وقاية كافية، خصوصًا في البناء والزراعة، بحسب تقرير مجلس الصحة والسلامة المهنية.

وأشار تقرير "İSİG" إلى أنه مع وجود تهاون في مراقبة شركات البناء الكبرى، والتوسع في اعتماد العمالة غير الرسمية، بقيت القوانين بلا أثر فعلي، لافتاً إلى أن الفاعلين الصناعيين والرأسماليين يضعون الربح فوق سلامة العمال.

وتشير بيانات الاتحاد الدولي للنقابات إلى أن تركيا تحتل مرتبة متقدمة بين الدول التي هي ذات معدلات وفيات مهنية عليا مقارنةً بالاتحاد الأوروبي، بمعدل 5.7 وفاة لكل 100 ألف عامل، ارتفاعًا عن متوسط 1.76 في دول الاتحاد الأوروبي.

الحاجة لإصلاحات جذرية

أشار التقرير إلى أن تركيا بحاجة ماسة إلى إصلاحات جذرية تشمل، إلزام أصحاب المشاريع الكبرى بوضع خطة سلامة مهنية قبل بدء العمل، وتوسيع نطاق التفتيش المدني وتقوية فاعلية النقابات العمالية.

بالإضافة إلى إدماج العمال غير الرسميين ضمن نظام الضمان الاجتماعي، وإطلاق حملات توعية وتشجيع ثقافة السلامة في أماكن العمل.

وعدّ التقرير غياب هذه التدابير سيؤدي إلى استمرار ارتفاع خسائر الأرواح، مع تزايد مظاهر الفقر والقهر المجتمعي، وهو ما يلامس وجع آلاف العائلات التركية يوميًا.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية