"من أجل فلسطين".. جورج عبدالله ناشط لبناني مكث في السجن 40 عاماً يرفض الاعتذار

"من أجل فلسطين".. جورج عبدالله ناشط لبناني مكث في السجن 40 عاماً يرفض الاعتذار
الناشط اللبناني جورج إبراهيم عبد الله

حوَّل الزمن جورج إبراهيم عبد الله من ناشط يساري لبناني مؤيد للفلسطينيين إلى أحد أكثر السجناء السياسيين قدمًا في أوروبا، بعد أن أمضى ما يقرب من 40 عامًا في سجون فرنسا. 

سُجنَ عبد الله، عام 1987 بتهمة التورط في اغتيال دبلوماسيَّين أمريكي وإسرائيلي في باريس، لكنه ظل يُصر منذ اللحظة الأولى: "أنا مقاتل ولست مجرماً"، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الخميس. 

الإصرار الذي أثار استنكار البعض وألهم تعاطف كثيرين آخرين، وقد بلغ مساحة القرار القضائي الأخير الذي مدَّ صبره إلى نهايته، مع حكم بالإفراج المشروط عنه في 25 يوليو، شرط مغادرته فرنسا.

من القلم إلى السلاح

وُلد عبد الله في قرية القبيات شمال لبنان عام 1951 لعائلة مسيحية مارونية، عمل مدرسًا حتى 1978، قبل أن تُغيّر تجاربه خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان مسار حياته تمامًا.

بعد إصابته في النزاع، انضم إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي تبنّت نهجًا مقاومًا، ثم أسس “الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية” (LARF)، تنظيمًا ماركسيًا شارك في خمس عمليات بينها أربع في فرنسا بين 1981 و1982، استهدفت رموزًا إسرائيلية وأمريكية في إطار معارضتهما للنفوذ الغربي في الشرق الأوسط.

سجن مدى الحياة

قُبض عليه في 1984 في ليون أثناء دخوله مقر شرطة طالبًا حماية، واعترف لاحقًا تحت اسمه الحركي “عبد القادر السعدي”. 

وفي محاكمات تخللتها صفوف الدفاع والاتهام السياسي، حكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 1987 بتهم التواطؤ في اغتيالات دبلوماسيين أميركي وإسرائيلي ومحاولة اغتيال ثالث. 

رغم استحقاقه للإفراج المشروط منذ 1999، رفضت السلطات قرابة 11 طلبًا، كان أبرزها عام 2013، حيث نال الموافقة ولكن تم منع ترحيله فعليًا.

مقاتل من أجل فلسطين 

لم يُظهر عبد الله أي تراجع عن مواقفه أو امتنان سياسي، ندد مرارًا بما عده رفضًا للعدالة لمصلحة قوى الضغط الدولية، متمسكًا بوصفه "مقاتلًا من أجل فلسطين" وليس “مجرمًا”. 

وصفه محاموه والمناصرون له بأنه على الرغم من كبر سنه (74 عامًا)، يظل قوي التفكير، ملمًا بالوقائع السياسية، ومستمرًا في مطالبه وتصميمه على الدفاع عن قضيته للعالم.

هذا الموقف جمع حوله تأييدًا من يسار فرنسي وراديكالي وشخصيات أدبية مثل آني إرنو، التي اعتبرت سجنه "عارًا على العدالة الفرنسية"، كما منحته بلدية Bagnolet صفة "مواطن فخري" عام 2013 قبل أن تُسحب لاحقًا.

مغادرة الأراضي الفرنسية 

أفرجت محكمة الاستئناف الباريسية شرطيًا عن عبد الله بتاريخ 25 يوليو، بشرط مغادرته الأراضي الفرنسية نهائيًا وعدم العودة، وقد وُصف القرار بأنه انتصار قانوني وسياسي في آن، رغم معارضة الولايات المتحدة وجهات قضائية فرنسية عليا، خشية أن يشكل تهديدًا للدبلوماسيين الأمريكيين في الخارج.

وصف القضاة سجنه كـ "حالة استثنائية"، معتبرين أنه بعد أكثر من أربعة عقود، صار من الصعب تصنيفه تهديدًا أمنيًا، بالنظر لسيرته داخل السجن وتصرفه "النموذجي" خلال سنوات الاحتجاز. 

لم يكن جورج إبراهيم عبد الله وحده في زنزانته، بل كان حاملًا صدى آلاف الأصوات المقهورة، صوت مقاومة لم تخضع، وسط تشظٍّ، ورفض للانكسار. 

واليوم، وهو يقف أمام عتبة الحرية، تبرز النهاية كرسالة بأنه في سجون العالم، ما زال بإمكان القيم البقاء حية، رغم كل القيود. 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية