نساء على الهامش.. تصاعد مقلق لـ"العنف ضد المرأة" بكردستان العراق
نساء على الهامش.. تصاعد مقلق لـ"العنف ضد المرأة" بكردستان العراق
تفاقمت خلال النصف الأول من العام الجاري معدلات العنف الموجه ضد النساء في إقليم كردستان العراق، حيث كُشف عن مقتل 15 امرأة وانتحار 12 أخريات، معظمهن في ظروف لا تزال غامضة.
هذا الواقع القاتم لا يمثل مجرد أرقام صادمة، بل هو تجسيد يومي لمعاناة مستمرة تعيشها نساء الإقليم في بيئة تفتقر إلى الحماية القانونية والعدالة الاجتماعية، وسط تراجع ملحوظ في الشفافية الرسمية وغياب البيانات الحكومية منذ سنوات، بحسب ما ذكرت وكالة "أنباء المرأة"، اليوم الجمعة.
ويمثل هذا التصعيد امتدادًا لنزيف إنساني طال أمده، إذ أفادت تقارير محلية بأن عام 2024 وحده شهد مقتل أو انتحار 39 امرأة في أنحاء الإقليم.
ومع تواصل صمت السلطات، وعدم الإعلان عن إحصاءات رسمية منذ تسلم حكومة مسرور بارزاني مهامها في 2019، يجد المدافعون عن حقوق المرأة أنفسهم في مواجهة فراغ معلوماتي خطير يعمق من هشاشة الضحايا ويفاقم من ظاهرة الإفلات من العقاب.
الدم المسكوت عنه
كشفت بيانات حصلت عليها وكالة "روج نيوز"، أن حالات القتل والانتحار وقعت في مختلف محافظات ومدن الإقليم، بما في ذلك السليمانية، هولير، رانية، آكرى، سوران، دهوك، زاخو، وبنجوين.
وتتوزع الحالات على الأشهر الستة الأولى من العام الجاري كما يلي:
في يناير، قُتلت ثلاث نساء، فيما أُبلغ عن حالتي انتحار بطرق وصفت بالغامضة.
وفي فبراير، تم تسجيل مقتل ثلاث نساء وانتحار امرأة واحدة.
وفي مارس، قتلت امرأة واحدة، وانتحرت اثنتان في مناطق مختلفة.
وفي إبريل، بلغ عدد القتيلات ثلاث نساء، بينما سُجلت أربع حالات انتحار غامضة.
وفي مايو، قُتلت أربع نساء، وأصيبت امرأتان بجروح، وعُثر على جثة مجهولة لامرأة أخرى.
وفي يونيو، سُجلت حالتا انتحار وقتل واحدة، جميعها في ظروف لم تكشف السلطات عن ملابساتها.
وتشير تقارير ميدانية إلى أن كثيرًا من هذه القضايا أُغلقت دون تحقيقات شفافة، في ظل شيوع الأعذار المجتمعية، أو الاكتفاء بتسجيل الحوادث ضمن ما يُعرف بـ"جرائم الشرف" أو "الانتحار الغامض"، وهي مصطلحات يستخدمها النظام الاجتماعي المحافظ للإفلات من المحاسبة الجدية.
منظومة قانونية عاجزة
يكشف استمرار تصاعد هذه الجرائم عن ضعف الحماية القانونية للنساء، حيث تظل القوانين المحلية عاجزة عن التعامل مع قضايا العنف الأسري بجدية، وسط ضغط اجتماعي يُجبر العديد من النساء على الصمت أو القبول بمصيرهن.
كما أن تردد الشرطة والمحاكم في التعامل بحزم مع الجناة، خاصة في القضايا ذات الطابع الأسري أو العشائري، يساهم في تعزيز ثقافة الإفلات من العقاب، مما يزيد من جرأة المعتدين.
وتُعد محدودية المراكز المتخصصة لدعم النساء، وضعف آليات التدخل السريع، وغياب سياسات وقائية فعالة، عوامل رئيسية في استمرار هذا الواقع المأساوي.
غياب رسمي وتحدي حقوقي
منذ عام 2019، لم تُصدر حكومة إقليم كردستان أي بيانات رسمية توضح حجم العنف ضد النساء، وهو ما يثير تساؤلات كبيرة حول الالتزام السياسي تجاه حقوق المرأة في الإقليم.
ويدعو الناشطون والمنظمات الحقوقية المحلية والدولية إلى ضرورة الضغط على السلطات للكشف عن البيانات، وفتح ملفات القتل والانتحار المعلقة، وتفعيل دور القضاء في التحقيق والمحاسبة.
كما شددت منظمات مثل "هيومن رايتس ووتش" و"أوكسفام" في تقارير سابقة على أهمية تطوير برامج حماية وتمكين النساء، وتكثيف حملات التوعية المجتمعية للتصدي للتمييز والعنف القائم على النوع الاجتماعي.