شهادة من قلب المأساة.. طبيبة بريطانية توثق موت الأطفال جوعاً في غزة
شهادة من قلب المأساة.. طبيبة بريطانية توثق موت الأطفال جوعاً في غزة
وسط دمار الحرب ورائحة الموت التي تخيم على كل زاوية، تصف الطبيبة البريطانية فيكتوريا روز ما شاهدته في مستشفيات غزة بأنه "أقرب إلى مشاهد نهاية العالم"، فخلال 23 يومًا فقط في مستشفى ناصر بخان يونس، وثقت موت 60 طفلًا فلسطينيًا جراء سوء التغذية الحاد الذي فرضته سياسة التجويع الإسرائيلية على القطاع المحاصر.
روز، وهي جرّاحة تجميل متطوعة مع بعثة طبية تابعة لمنظمتي "الإغاثة الإسلامية" و"إيديالز" البريطانيتين، قالت في مقابلة مع وكالة الأناضول إنها عادت إلى بلادها محمّلة بمشاهد لن تُمحى من ذاكرتها، بحسب ما ذكرت وكالة الأناضول، الخميس.
وأضافت: "عندما غادرت غزة في 4 يونيو، كانت الأوضاع مروعة، لكنها الآن أسوأ بكثير، الجوع يقتل الأطفال يوميًا، والمستشفيات عاجزة تمامًا عن إنقاذهم".
جوع يفتك بالأطفال
تروي الطبيبة أن الوصول إلى الطعام أصبح "شبه مستحيل"، وأن الفلسطينيين يواجهون معضلة وجودية: "الذهاب إلى نقاط توزيع المساعدات يعني المفاضلة بين الموت جوعًا أو الإصابة بالرصاص".
ومنذ أواخر مايو، اعتمدت إسرائيل والولايات المتحدة خطة لتوزيع مساعدات محدودة تحت إشراف ما يسمى "مؤسسة غزة الإنسانية"، بعيدًا عن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
ووفق شهادات الأطباء، يُستهدف الفلسطينيون أحيانًا أثناء محاولتهم الحصول على تلك المساعدات، في مشهد يلخص أقصى درجات الإذلال الإنساني.
ووفق بيانات وزارة الصحة بغزة، بلغ عدد ضحايا المجاعة وسوء التغذية منذ 7 أكتوبر 2023 نحو 154 شخصًا، بينهم 89 طفلًا، فيما يتوقع الأطباء أن هذه الأرقام لا تعكس الواقع الكارثي الكامل بسبب تعذر الوصول إلى مناطق محاصرة.
أجساد منهكة وإصابات قاتلة
تصف روز الوضع الصحي بأنه خارج السيطرة تمامًا: "الجوع يدمّر جهاز المناعة ويمنع التئام الجروح، ما يجعل علاج أي إصابة شبه مستحيل".
وتقول إن الإصابات التي عاينتها في غزة تنقسم إلى ثلاث فئات، إما إصابات موجات الصدمة التي تمزق طبلة الأذن أو الأمعاء، أو حروق شديدة بفعل الانفجارات والحرائق، أو جروح قاتلة بالشظايا التي تخترق العظام والصدر أو الدماغ.
أما نقص الأدوية، خاصة المضادات الحيوية، فيجعل الشفاء معجزة نادرة. حتى الأطباء الأجانب، وفق شهادتها، اضطروا لإحضار طعامهم معهم، وكانوا يعيشون على وجبات محدودة أو يشترون ما يتوفر بأسعار باهظة، في ظل توقف مستشفى ناصر عن توفير الوجبات للكوادر الطبية.
افتحوا أبواب غزة
وجهت روز رسالة شديدة اللهجة إلى قادة العالم: "نحتاج إلى فتح ممرات إنسانية حقيقية تسمح بدخول كميات كبيرة من الطعام والماء واللقاحات والأدوية، وليس مجرد فتات يُلقى هنا وهناك".
وأكدت أن استمرار العمل بما يسمى "مؤسسة غزة الإنسانية" هو تكريس لسياسة التجويع الممنهجة، داعية المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل يوقف الإبادة البطيئة لأطفال غزة.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، تخوض إسرائيل حربًا وُصفت بأنها إبادة جماعية، أسفرت عن أكثر من 206 آلاف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين الذين يواجهون المجاعة والعطش في ظروف غير إنسانية.