32 جثة في جواناخواتو.. مقابر سرية بالمكسيك تكشف عن أزمة العنف المتصاعد

32 جثة في جواناخواتو.. مقابر سرية بالمكسيك تكشف عن أزمة العنف المتصاعد
عناصر من الشرطة المكسيكية - أرشيفية

كشفت السلطات المكسيكية عن اكتشاف مقابر جماعية تضم 32 جثة في منطقة ريفية بولاية جواناخواتو وسط البلاد، ما يسلّط الضوء مجددًا على تصاعد العنف المرتبط بعصابات الجريمة المنظمة، ويطرح تساؤلات مؤلمة حول مصير المفقودين في بلد تتراكم فيه المآسي بصمت.

وأعلن مكتب الادعاء العام في ولاية جواناخواتو عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، اليوم الثلاثاء، أن فرق الطب الشرعي عثرت على الجثث في أرض خالية بمنطقة "لا كاليرا" الواقعة في شمال بلدية إيرابواتو، وذلك بعد أيام من العمل الميداني المتواصل الذي بدأ منذ 30 يوليو، وفق وكالة الأنباء الألمانية.

وأوضح الادعاء أن نصف الضحايا تم التعرف على هويتهم، فيما تستمر الجهود لتحديد هوية الباقين باستخدام اختبارات الحمض النووي ومطابقة بيانات المفقودين، في وقت تعيش فيه عشرات الأسر حالة من الترقب والألم خوفًا من أن تكون هذه الجثث لمن فقدوهم في خضم الحرب بين العصابات.

ساحة مفتوحة للعنف

تحوّلت ولاية جواناخواتو، التي كانت تُعرف سابقًا بازدهارها الصناعي، إلى واحدة من أكثر الولايات دموية في المكسيك خلال السنوات الأخيرة. 

وتدور على أراضيها معارك طاحنة بين عصابتي "جاليسكو الجيل الجديد" و"سانتا روزا دي ليما"، في صراع دامٍ على السيطرة على طرق التهريب ومناطق النفوذ، راح ضحيته الآلاف.

وسجلت جواناخواتو وحدها أكثر من 1500 جريمة قتل بين يناير ويوليو 2025، بحسب بيانات رسمية، ما يجعلها تتصدر معدلات الجريمة في البلاد. 

وتُستخدم المقابر السرية في كثير من الأحيان لإخفاء آثار التصفيات التي تنفذها هذه الجماعات المسلحة.

صرخة الغائبين وعدالة مؤجلة

تُعد المقابر الجماعية في المكسيك مرآة قاتمة للواقع الأمني والاجتماعي، حيث تشير تقديرات حقوقية إلى وجود أكثر من 100 ألف مفقود على مدار العقود الماضية، العديد منهم يختفون قسرًا في مناطق النزاع بين العصابات دون أن يُكشف مصيرهم.

وفي كل مرة يُعلن فيها عن اكتشاف جثث جديدة، تُفتح جراح قديمة لدى أسر ما زالت تبحث عن بصيص أمل لمعرفة مصير أحبائها، وسط اتهامات متكررة للسلطات بالتقاعس عن تتبع المسؤولين الحقيقيين عن هذه الجرائم أو توفير الحماية للمدنيين.

ويرى محللون أن العثور على الجثث في إيرابواتو، رغم فظاعته، قد يكون فرصة لإعادة فتح الملفات المغلقة حول جرائم الاختفاء القسري والعنف المنهجي، لكنهم في الوقت نفسه يشككون في قدرة النظام القضائي المكسيكي على محاسبة المتورطين في ظل تفشي الفساد والتواطؤ مع شبكات الجريمة.

كل جثة تحمل قصة عائلة

يقول خوان كارلوس نغريتي، الباحث في قضايا الأمن بالمكسيك: "كل جثة يُعثر عليها تحمل قصة عائلة فقدت ابنًا أو أخًا أو أبًا، المشكلة أننا أمام نظام لم ينجح بعد في تحويل هذه القصص إلى قضايا عدالة ومحاسبة، بل يتعامل معها كأرقام في إحصاءات دورية".

في المكسيك، لا تنتهي المأساة عند القتل، بل تبدأ مع الجثة المدفونة في مقبرة سرية، حيث يتحول كل ضحية إلى لغز، وكل موقع دفن جماعي إلى شاهد صامت على فشل الدولة في حماية شعبها. 

وفي لا كاليرا، كما في غيرها، تستمر الأرض في كشف الأسرار، بينما تنتظر العدالة أن تُرفع من تحت التراب.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية