في الذكرى الـ119 للثورة الدستورية.. مطالبات حقوقية بوقف الإعدامات في إيران
في الذكرى الـ119 للثورة الدستورية.. مطالبات حقوقية بوقف الإعدامات في إيران
انطلقت، اليوم الثلاثاء، فعاليات الأسبوع الثمانين من حملة "الثلاثاء لا للإعدام"، التي ينفذها سجناء سياسيون ومدنيون من داخل 48 سجنًا في مختلف أنحاء إيران، وذلك في وقتٍ تتصاعد فيه حدة الانتهاكات الحقوقية التي تمارسها السلطات الإيرانية، منها الإعدامات المتكررة، وبتر الأطراف، والعنف الجسدي بحق السجناء.
وتزامنت هذه الفعاليات مع إحياء الذكرى الـ119 لانطلاق الثورة الدستورية في البلاد، التي طالبت بتقييد سلطة الشاه وتأسيس نظام دستوري أكثر عدالة عام 1906، إلا أن المشاركين في الحملة اعتبروا أن البلاد لا تزال ترزح تحت استبداد مشابه، يمارَس اليوم بأدوات أكثر قسوة، تتمثل في المقاصل والسجون والاضطهاد الممنهج، بحسب ما ذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال".
وأدان المشاركون في الحملة، في بيان صادر عنهم، ما وصفوه بـ"دوامة العنف المستمرة"، مؤكدين أن السلطات نفذت خلال الأسبوع الماضي فقط ما لا يقل عن 30 حكم إعدام، من بينهم حالتان بحق امرأتين، بالإضافة إلى حالة إعدام نُفذت علنًا أمام الجمهور، فيما اعتبروه رسالة ترهيب موجهة إلى المجتمع بأسره.
وأشار البيان إلى حادثة مروعة داخل سجن أرومية، حيث تم بتر أصابع ثلاثة سجناء في مشهد وصفته منظمة العفو الدولية بأنه عمل "غير إنساني"، منتقدة استخدام السلطة القضائية "أداة في آلة التعذيب". كما وصفت ماي ساتو، المقررة الخاصة للمنظمة، هذا النوع من العقاب بأنه "مهين ويشكل انتهاكًا صارخًا للكرامة الإنسانية".
قلق على مصير المعتقلين
كشف البيان تعرض عدد من أعضاء الحملة داخل الجناح الرابع في سجن قزل حصار لاعتداء جسدي خلال مداهمة وصفها البيان بـ"الوحشية"، حيث قام الحراس وقوات الأمن بضرب المعتقلين بوحشية، قبل نقلهم إلى زنازين انفرادية في الوحدة الثالثة ذات الحراسة المشددة.
وأكد المشاركون أن بعض المعتقلين أُعيدوا بعد خمسة أيام إلى القسم الذي كانوا فيه، لكن الجناح السياسي لا يزال مغلقًا وتحت رقابة صارمة بكاميرات مراقبة داخلية، في ظل انقطاع تام للأخبار عن خمسة من النشطاء داخل السجن، ما يعزز المخاوف من تعرضهم لتعذيب جسدي ونفسي.
وأبدى البيان قلقًا بالغًا إزاء الوضع الصحي لسجين آخر تم رفض استقباله من قبل إدارة سجن زاهدان، ولا يزال محتجزًا في ظروف قاسية داخل زنزانة انفرادية في القسم الخاص بالوحدة الأولى في قزل حصار، من دون معرفة مصيره أو حالته الصحية.
دعوات لمواجهة ثقافة الإعدام
طالب أعضاء الحملة جميع الناشطين الحقوقيين والمنظمات المحلية والدولية، برفع صوتهم في وجه ثقافة الإعدام المتجذرة في الجهاز القضائي الإيراني، معتبرين أن تصاعد وتيرة الإعدامات والعقوبات الجسدية العنيفة ليس سوى وسيلة لترهيب المجتمع وإخماد أي تحرك شعبي نحو الحرية والعدالة.
وأكد البيان أن ما تشهده إيران حاليًا، منذ اندلاع الثورة الدستورية قبل أكثر من قرن، يمثل استمرارًا لصراع طويل بين إرادة الشعوب وسلطة القمع، وأن كل عملية إعدام أو تعذيب هي محاولة لإطفاء شعلة هذا النضال المستمر.
وشدد المشاركون على أن حملة "الثلاثاء لا للإعدام" لن تتوقف رغم جميع التهديدات، ودعوا إلى توسيع نطاق المشاركة فيها، مشيرين إلى أن "الحكومة وداعميها العلنيين والسريين يستخدمون جميع الوسائل لإفشال الحملة، لكن الأصوات الحرة في الداخل والخارج يجب أن تبقى عالية".
الإضراب عن الطعام
واصل 48 سجينًا من المشاركين في الحملة داخل سجن قزل حصار، إضرابهم عن الطعام احتجاجًا على التصعيد في الإعدامات والعقوبات الجسدية داخل السجون، في تعبير جماعي عن التضامن مع المعتقلين الذين تم التنكيل بهم أخيرًا، وللتأكيد على رفض استخدام الإعدام وسيلة للردع السياسي.
يُذكر أن الحملة تتزامن هذا العام مع ذكرى الثورة الدستورية التي انطلقت عام 1905 إبان حكم القاجار، عندما طالب المفكرون والناشطون بتأسيس نظام دستوري يُخضع الحاكم للمساءلة ويمنع الحكم المطلق.
وبينما اعتُبرت تلك الثورة لحظة مفصلية في التاريخ السياسي الإيراني، فإن أحداث اليوم تكشف عن بقاء السلطة المطلقة على حالها، لكن بأدوات أكثر تطورًا في القمع والانتهاك.