وسط تفاقم الانفلات الأمني.. طفلتان ضحيتا انتقام طائفي في سوريا
وسط تفاقم الانفلات الأمني.. طفلتان ضحيتا انتقام طائفي في سوريا
تتفاقم مشاهد الفوضى والعنف في سوريا مع اتساع رقعة الانفلات الأمني، حيث يدفع المدنيون، ولا سيما الأطفال، ثمناً باهظاً لصراعات مسلحة لا تعرف حدوداً إنسانية، في ظل غياب شبه كامل للمساءلة واحتكار العنف من قبل مجموعات مسلحة تنتمي لتشكيلات مختلفة، بعضها ذو طابع طائفي أو أيديولوجي متشدد.
ووفقاً لبيان أصدره المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم الثلاثاء، ارتُكبت جريمة مروعة في قرية قنية العاصي، حيث أقدم مسلحان مجهولا الهوية على مهاجمة منزل لعائلة من الطائفة العلوية، بعد أن قاما بداية بسرقة دراجة نارية تحت تهديد السلاح، ثم تطور الأمر إلى إلقاء قنبلة يدوية على المنزل وإطلاق النار بشكل مباشر على ساكنيه.
وأسفر الهجوم عن مقتل طفلتين من العائلة، وإصابة شقيقتهما الصغرى بجراح بالغة، نُقلت على إثرها إلى أحد المشافي لتلقي العلاج.
كما أُصيب أحد الجيران بجروح خطِرة أثناء محاولته مساعدة الضحايا، فيما لاذ المهاجمان بالفرار باتجاه قرية الغنطو، دون أن تُعرف هويتهما حتى اللحظة، في استمرار لنمط الإفلات من العقاب الذي بات سمة مأساوية في سوريا.
ويحذر ناشطون حقوقيون من أن مثل هذه الجرائم لم تعد تُشكل استثناءً في المشهد السوري، بل باتت جزءاً من واقع يومي تتقاطع فيه دوافع الانتقام الطائفي مع انعدام سلطة القانون.
انتهاكات بحق المدنيين
يرى المرصد السوري أن هذه الجريمة ليست حدثاً معزولاً، بل حلقة جديدة في سلسلة انتهاكات جسيمة ترتكب بحق المدنيين في مناطق مختلفة من البلاد، تحت سمع وبصر الجميع، دون أن تلوح في الأفق بوادر لمحاسبة الجناة، أو حماية السكان من التصفية الطائفية والعنف المنفلت.
وفي بيانه، شدد المرصد على ضرورة تطبيق العدالة بشكل متساوٍ وشامل، بعيداً عن الانتقائية الإعلامية أو ما وصفه بـ"عدالة التريند"، مُذكّراً بأن قضايا إنسانية مشابهة، مثل تفجير كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة، أو مقتل ديالا صلحي الوادي ذات الجنسية البريطانية، شهدت زخماً إعلامياً لم يتوفر لضحايا آخرين لا يمتلكون ذات الحظ من الضوء.
وتشير أرقام المرصد إلى أن إجمالي عدد ضحايا التصفيات والجرائم ذات الطابع الانتقامي في سوريا منذ مطلع العام الجاري بلغ 910 قتلى، بينهم 862 رجلاً، و30 امرأة، و18 طفلاً، وهو رقم يعكس هشاشة الأوضاع الأمنية في البلاد، وتدهور قيم الحياة والسلام المجتمعي.