بعد مقتل 319 مدنياً.. تورك: "المدنيون في الكونغو يُذبحون رغم اتفاقات السلام"
بعد مقتل 319 مدنياً.. تورك: "المدنيون في الكونغو يُذبحون رغم اتفاقات السلام"
أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عن صدمته العميقة إزاء التصعيد الدموي في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث شنت حركة "23 مارس" المدعومة من رواندا، إلى جانب جماعات مسلحة أخرى، سلسلة هجمات مروعة أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 319 مدنيًا بين 9 و21 يوليو 2025.
الهجمات التي طالت أربع قرى في إقليم روتشورو شمال مقاطعة شمال كيفو، وصفتها الأمم المتحدة، في بيان يوم الأربعاء، بأنها من أكبر المجازر الموثقة منذ عودة حركة 23 مارس إلى المشهد في عام 2022. وقد نُفذت هذه الهجمات بمشاركة مقاتلين من قوات الدفاع الرواندية، بحسب روايات مباشرة وثقها مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
مزارعون وأطفال ونساء
بحسب التقارير الأممية، فإن معظم الضحايا كانوا مزارعين محليين، من بينهم 48 امرأة و19 طفلًا على الأقل، كانوا يخيمون في مزارعهم مع بدء موسم الزراعة، لم يكن هؤلاء في ساحة قتال، بل في الحقول التي طالما شكلت مصدر رزقهم الوحيد.
وفي بيان رسمي، دعا المفوض السامي إلى وقف فوري للهجمات ومحاسبة جميع المسؤولين عنها، مشيرًا إلى أن هذه المجازر وقعت رغم توقيع وقف إطلاق نار مؤخرًا في الدوحة.
وأضاف تورك: "استهداف المدنيين بهذا الشكل الوحشي لا يمكن أن يمر دون رد دولي حازم. يجب وقف سفك الدماء".
هجوم على كنيسة
لم تقتصر الفظائع على شمال كيفو. ففي 27 يوليو، هاجمت جماعات مسلحة -من بينها "القوات الديمقراطية المتحالفة" و"التعاونية من أجل تنمية الكونغو"- كنيسة في قرية كوماندا بإقليم إيتوري أثناء قداس الأحد، ما أسفر عن مقتل 40 مصليًا، بينهم 13 طفلًا.
كما أحرق المهاجمون ما لا يقل عن 27 متجرًا و4 منازل و3 سيارات، في هجوم وصفه سكان محليون بأنه "أقرب إلى الإبادة الجماعية".
دعوة لإنقاذ المدنيين: بين السلام الورقي والواقع الدامي
جدد تورك دعوته لجميع أطراف النزاع إلى الامتثال للقانون الدولي الإنساني، والعمل الجاد على حماية المدنيين. كما طالبهم بالالتزام بما تم توقيعه في إعلان المبادئ في الدوحة واتفاق السلام في واشنطن، مؤكدًا أن استمرار العنف يقوّض أي أمل في السلام.
تحويل الوعود إلى واقع
قال تورك: “يجب أن يتحول ما وُقّع في الدوحة وواشنطن إلى أمان وكرامة حقيقية للناس على الأرض، لا معنى للسلام إن ظل الناس يموتون تحت القصف والذبح”.
وشهدت جمهورية الكونغو الديمقراطية صراعًا طويل الأمد في شرق البلاد، حيث يتنازع عشرات الجماعات المسلحة على النفوذ، وسط اتهامات متبادلة بين رواندا والكونغو بشأن دعم التمرد.
حركة 23 مارس، التي كانت قد جرى تفكيكها عام 2013، عادت للظهور في 2022، متسببة في موجة عنف جديدة أجبرت آلاف المدنيين على الفرار. تتهم الأمم المتحدة رواندا بدعم هذه الحركة عسكريًا، وهو ما تنفيه كيغالي.
رغم توقيع اتفاقيات سلام،فإن انعدام الثقة، والتدخلات الإقليمية، وغياب سيطرة الدولة المركزية جعلت من شرق الكونغو أرضًا خصبة للتوتر والانفجارات الدموية المتكررة، وسط عجز دولي عن حماية المدنيين من الكوارث المستمرة.