وسط جدل حول الحريات.. تقرير أمريكي ينتقد وضع حقوق الإنسان في ألمانيا

وسط جدل حول الحريات.. تقرير أمريكي ينتقد وضع حقوق الإنسان في ألمانيا
عنصر أمني في ألمانيا

أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان في ألمانيا، مشيرة إلى تدهور نسبي في العام الماضي، ولا سيما فيما يتعلق بحرية التعبير وجرائم الكراهية. 

وجاء التقرير، الذي يعتمد على رصد حالات الانتهاكات والممارسات المقيدة للحريات، ليؤكد وجود قيود على التعبير العلني، إلى جانب تزايد الجرائم ذات الدوافع المعادية للسامية أو العنف أو التهديدات بالعنف وفق وكالة الأنباء الألمانية.

التقرير السابق لعام 2023 أشار إلى أن الوضع الحقوقي في ألمانيا لم يشهد تحولات جذرية، لكنه سجل استمرار أنماط مقلقة، مثل العنف ضد أفراد من جماعات دينية وعرقية، ومن بينهم المسلمون، فضلاً على تنامي معاداة السامية، كما تناول التقرير الاعتداءات الجسدية أو التهديد بالعنف ضد المثليين، معتبراً أن هذه الظواهر تشكل تحدياً لبنية الحريات الأساسية في المجتمع الألماني.

انتقادات أمريكية للحلفاء

الخلافات بين واشنطن وبرلين بشأن ملف الحريات تفاقمت خلال الأشهر الماضية، حيث وجّهت الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة الرئيس دونالد ترامب، انتقادات علنية لألمانيا، ففي كلمة ألقاها نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس خلال مؤتمر ميونخ للأمن في فبراير الماضي، اتهم الحلفاء الأوروبيين بتقييد حرية التعبير وتقويض أسس الديمقراطية، مشيراً إلى استبعاد حزب "البديل من أجل ألمانيا" وحزب "تحالف سارا فاجنكنشت" من المشاركة في المؤتمر، وهو ما عدّه مثالاً على الإقصاء السياسي غير المبرر.

يرى محللون أن هذا النوع من الانتقادات الأمريكية يطرح تساؤلات حول معايير الحريات في الديمقراطيات الغربية. فمن جهة، تؤكد برلين أنها تحارب خطاب الكراهية وخطر التطرف السياسي من خلال تقييد المنابر أمام القوى الشعبوية المتطرفة، في حين تعد واشنطن هذه الإجراءات قد تتجاوز حدود حماية الأمن العام لتصل إلى التضييق على حرية التعبير والتعددية السياسية.

تاريخياً، وضعت ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية منظومة قانونية صارمة لضمان عدم عودة الفكر النازي أو أي أيديولوجيات شمولية مشابهة، وهو ما منح السلطات أدوات قانونية لحظر بعض الأحزاب أو الخطابات، لكن مع صعود تيارات يمينية متشددة وأخرى يسارية راديكالية في السنوات الأخيرة، برز الجدل مجدداً حول حدود هذه الحماية، وهل يمكن أن تتحول من وسيلة لحماية الديمقراطية إلى أداة لتقييدها.

المشهد الحقوقي في ضوء القانون

وفق المعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فإن حرية التعبير تشمل الحق في التعبير عن الآراء السياسية حتى لو كانت مثيرة للجدل، ما لم تنطوِ على تحريض مباشر على العنف أو الكراهية، وبالتالي، فإن أي قيود يجب أن تكون محددة بدقة وضرورية لحماية النظام الديمقراطي. من هنا، يرى خبراء أن التوازن بين حماية المجتمع من التطرف وضمان حرية التعبير يظل تحدياً معقداً أمام الحكومة الألمانية.

في ظل استمرار رصد وزارة الخارجية الأمريكية ملف الحريات في الدول الحليفة، يبدو أن الجدل حول حدود حرية التعبير في ألمانيا سيظل قائماً، خاصة مع استمرار الضغوط المحلية والدولية بشأن سياسات الإقصاء السياسي والرقابة على الخطاب العام، وبينما تؤكد برلين أن إجراءاتها موجهة ضد التطرف والكراهية، يصر منتقدوها على أن الديمقراطية الحقيقية تُختبر بمدى قدرتها على استيعاب التعددية حتى في أكثر أشكالها استفزازاً.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية