من واحات ليبيا إلى قلب غزة.. "اللبة" رسالة إنسانية تتجاوز الحدود

من واحات ليبيا إلى قلب غزة.. "اللبة" رسالة إنسانية تتجاوز الحدود
رئيسة جمعية "اللبة"، مبروكة إبراهيم

في عمق الصحراء الليبية، حيث تتماوج الكثبان تحت شمس لا ترحم، تنبض واحة جالو بحياة مختلفة.. حياة قوامها العطاء، هناك، ولدت جمعية "اللبة" للأعمال الخيرية كنبع ماء في أرض عطشى، لتروي عطش المحتاجين، وتزرع في الرمال قلوباً لا تعرف اليأس.

من أزقة الواحات الضيقة، خرجت رسائل حب وأمل، عبر نساء ورجال يؤمنون أن المسافات لا تقطع أوصال الرحمة، وأن الحدود لا تمنع وصول اليد الحانية، ومن هنا، شدّت "اللبة" قوافلها نحو غزة، تحمل في حقائبها أكثر من مساعدات.. تحمل شعور الأخوة، وذاكرة الألم المشترك، ووعداً بأن الجوع لن ينتصر على الكرامة.

انطلقت جمعية "اللبة" للأعمال الخيرية من مدينة جالو الليبية، حاملة رسالة إنسانية تتجاوز حدود الصحراء لتصل إلى أعمق نقاط المعاناة، منذ تأسيسها عام 2009، عملت الجمعية على تمكين المرأة وحماية التراث، وفي الوقت نفسه، مدّت يد العون لكل محتاج، داخل ليبيا وخارجها.

ورغم شح الموارد وتحديات التمويل، واصلت الجمعية تنظيم معارض للصناعات الصغيرة، والترويج السياحي لجالو عبر مهرجان "جالو أرض الأحلام" الذي شهد نسختين ناجحتين، وتستعد حالياً لإطلاق نسخته الثالثة، لكن وراء هذا النشاط المحلي، كان هناك قلب نابض بالعطاء امتد إلى مناطق الأزمات في أفريقيا والشرق الأوسط.

من تاورغاء إلى الصومال والسودان

منذ عام 2011، ومع تصاعد الأزمات الإنسانية في ليبيا، توجهت "اللبة" لدعم النازحين، خاصة أهالي تاورغاء، وكل من لجأ إلى جالو طلباً للأمان. 

ولم يقتصر العمل على الداخل، بل وصل الدعم إلى الجوعى في الصومال والسودان، في تأكيد على أن العمل الخيري لا يعرف جغرافيا.

بدأ ارتباط الجمعية بغزة منذ 2010، حين شاركت في قافلة لفك الحصار نظمتها اللجنة الشعبية لدعم الشعب الفلسطيني. 

ومع تصاعد الأزمة الإنسانية في القطاع، أطلقت الجمعية قبل سبعة أشهر حملة كبرى لتأمين الغذاء والماء، بالتعاون مع فريق "جسر الخير" العامل داخل غزة، مركّزة على المخيمات الشمالية الأكثر تضرراً.

ورغم إغلاق المعابر، ابتكرت الجمعية طرقاً بديلة لإيصال الدعم، مثل التحويلات عبر المحافظ الإلكترونية والعملات الرقمية المشفرة، لضمان وصول الأموال بسرعة ودون مصادرة. 

تقول رئيسة الجمعية، مبروكة إبراهيم شحات: “كل مقطع فيديو يصلنا من غزة ويُظهر المساعدات باسم الجمعية كان يعطينا شعوراً أننا هناك، وسط الركام، لنقول لأهلنا: ”أنتم لستم وحدكم".

"سقيا الماء".. مبادرة للحياة

لزيادة نطاق المساعدة، فتحت الجمعية ثلاثة حسابات مصرفية جديدة وأطلقت مبادرة "سقيا الماء" التي لاقت إقبالاً واسعاً. 

وتركز الجمعية على إيصال الدعم للمناطق المنسية القريبة من الحدود، حيث الجوع أشد والاحتياجات أعظم، ورغم ارتفاع الأسعار وشح المواد الغذائية، ترى الجمعية أن توفير المال يمنح الأهالي فرصة اختيار ما يحتاجونه. 

وتستحضر مبروكة الذاكرة الليبية المؤلمة: "الجوع كافر.. ونحن في ليبيا نعرف معناه من أيام الاحتلال الإيطالي والمعتقلات".

وفي ختام حديثها، وجّهت شحات نداءً إلى كل القلوب الرحيمة في ليبيا والوطن العربي: "لا يجب أن نقف مكتوفي الأيدي أمام المجاعة في غزة. حتى القليل يمكن أن يخفف من القسوة، وإن لم نغيّر الواقع، يمكننا أن نزرع فيه بعض الرحمة".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية