من البرلمان إلى اللجوء لأستراليا.. رحلة الناشط الصيني تيد هوي في مواجهة القمع
من البرلمان إلى اللجوء لأستراليا.. رحلة الناشط الصيني تيد هوي في مواجهة القمع
جاءت كلمات تيد هوي، النائب السابق والناشط المؤيد للديمقراطية في هونغ كونغ، والتي كتبها على فيسبوك بعد حصوله هو وعائلته على حق اللجوء في أستراليا، لتلخّص الألم خلف هذا الانتصار القانوني، حيث قال: "حين يقول لي الآخرون (مبروك)، أبتسم شكراً، لكنني أشعر بالحزن في داخلي.. كيف نهنّئ لاجئًا سياسيًا يشتاق لوطنه؟ المهاجر يمكنه العودة في أي وقت.. أما المنفي فلا وطن له".
في عام 2019، اندلعت احتجاجات ضخمة في هونغ كونغ، طالبت بالديمقراطية وبحرية التعبير، شارك فيها تيد هوي بفعالية، ما دفع السلطات لاحقًا لاتهامه واتهام آخرين بـ"تحريض على الانفصال" وتهم مرتبطة بالأمن القومي.
ووفق تقرير نشرته "رويترز"، تم رصد مكافأة قيمتها مليون دولار هونغ كونغي –ما يعادل نحو 130 ألف دولار أمريكي– في 2023 مقابل معلومات تقود إلى القبض عليه، ورغم ذلك، بقي هذا القرار رمزيًا بالنسبة له، كونه يقيم في أستراليا، وهي دولة من غير المرجح أن تسلمه إلى سلطات هونغ كونغ.
انطلق هوي من مواجهة قانونية إلى رحلة نفي، بدأها في أوروبا، ثم انتقل إلى أستراليا عام 2021، واستقر في أديلايد حيث يمارس المحاماة.
تأشيرة الحماية
بعد أربع سنوات من المنفى، تلقى هوي إشعارًا رسميًا من وزارة الشؤون الداخلية في أستراليا، يقضي بمنحه هو وعائلته –زوجته، أولاده، ووالديه– حق اللجوء، أكد هذا القرار أن أستراليا وبكل أجهزتها ترى أن ما يواجهه ليس جريمة، بل اضطهادٌ سياسي، جاءت الموافقة المكتوبة، يوم الجمعة، ونشرها عبر فيسبوك في اليوم التالي.
رغم منح الحماية، لم يتخلّص هوي تمامًا من آثار حملته المضادة، فقد نقلت "الغارديان" أن هوي وعائلته تعرضوا لمحاولات تهديد، وصلت إلى حد إرسال منشورات مضللة إلى مساجد في أديلايد، تصفه زورًا بأنه "محامٍ مؤيد لإسرائيل ومستعد لخوض حرب ضد الإرهاب الإسلامي".
كذلك تلقى مكتب محاميه رسالة مجهولة المصدر، تطلب تقديم معلومات عن موقعه، مقابل مكافأة مالية تُقدَّر بـ203 آلاف دولار أسترالي.
موقف أستراليا
في مواجهة هذا المأزق الدولي، أكدت وزيرة الخارجية الأسترالية، بيني وونغ، أن دولتها ترفض توسيع القانون القومي الصيني المفروض على هونغ كونغ ليشمل المواطنين خارج الأراضي.
وأشارت إلى أن "حرية التعبير وحرية التجمع ركيزتان لديمقراطيتنا"، وأن أستراليا لن تصمت أثناء محاولات تقييد هذه الحقوق.
ورداً على منح اللجوء، وجهت حكومة هونغ كونغ اتهامًا لأستراليا بخرق القانون وتدخّل في شؤونها الداخلية.
ووصفت المعارضين المذكورين بأنّهم "مجرمون" يحتمي بهم بشكل غير مشروع، إلا أن ذلك لم يمنع أستراليا من تنفيذ قرارها الحقوقي، وهو ما يُعدّ رسالة قوية للدعم الدولي للمدافعين عن الديمقراطية.
لا تنسوا المعتقلين الآخرين
قبيل انتهاء منشوره على فيسبوك، ناشد هوي الحكومة الأسترالية ألا تنسى زملاءه من نشطاء هونغ كونغ المحتجزين، بمن فيهم رجل الإعلام جيمي لاي، المعتقل منذ 2020، حيث كتب: "أستراليا عليها أن تفعل المزيد لإنقاذهم والدفاع عن إنسانيتهم.. موقفها مهم دوليًا، وحمايتها لمن في مثل موقفي يشكل سابقة للديمقراطيات الأخرى".
رغم كل ما مرّ به، كان لهوي واضحًا في عزمه على "رد الجميل" لبلد اللجوء، حيث قال إنه وعائلته "سيعطيان أستراليا كل ما يمكن أن نمنحه، من خلال عملنا، ومشاركتنا المدنية، والتزامنا بقيم الديمقراطية والحرية".
لا تعد قضية تيد هوي مجرد قصة إنسانية مؤثرة، بل إنها اختبار حقيقي: هل تستطيع الديمقراطيات الكبرى أن تحافظ على القيم الأساسية في وجه العلاقات الدولية المعقدة؟ وهل يمكن للحريات أن تُصان في ظل المصالح السياسية؟ أستراليا اختارت أن تقول "نعم"، وأن تمنح اللجوء بدافع حقوقي، لا دبلوماسي.