معاناة يومية.. أزمة المياه تتحول إلى مطلب حقوقي في تونس
معاناة يومية.. أزمة المياه تتحول إلى مطلب حقوقي في تونس
تتصاعد في تونس منذ مطلع العام الجاري 2025 موجة من الاحتجاجات الشعبية التي تقودها أزمة المياه، لتكشف عن معاناة يومية يعيشها المواطنون في مختلف الولايات.
ولم تعد الأزمة التي حوّلت "الماء"، أبسط مقومات الحياة، إلى مطلب حقوقي أساسي، تقتصر على الانقطاعات المتكررة، بل امتدت لتشمل الزراعة، والبيئة، والصحة العامة، ما يجعلها واحدة من أبرز التحديات الإنسانية في البلاد.
وكشف تقرير صادر عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الثلاثاء، أن المطالبة بالمياه الصالحة للشرب شكّلت المحرك الرئيسي للتحركات البيئية خلال النصف الأول من العام الجاري، فقد تم تسجيل 135 تحركاً احتجاجياً على الانقطاعات المتكررة للمياه، من أصل 280 تحركاً بيئياً، امتدت إلى أكثر من 20 ولاية.
وبيّن التقرير أن الاحتجاجات بلغت ذروتها في شهر يونيو، الذي شهد 109 تحركات متزامنة مع ارتفاع درجات الحرارة وتفاقم الانقطاعات.
وأوضحت الخبيرة البيئية، بية حرباوي، المكلفة بالعدالة البيئية والمناخية بالمنتدى، أن هذه التحركات تعكس عمق الأزمة التي باتت تهدد حق المواطنين في الحصول على المياه الصالحة للشرب.
أبعاد اجتماعية للأزمة
لم تقتصر الاحتجاجات على أزمة الشرب، بل شملت أيضاً القطاع الفلاحي، حيث سجلت 89 تحركاً احتجاجياً للمطالبة بصرف تعويضات وتحسين ظروف العمل، إلى جانب الاحتجاج على انقطاع مياه الري.
كما سُجلت 56 تحركاً دفاعاً عن الحق في بيئة سليمة، شملت التظاهر ضد التلوث الصناعي، النفايات، ومياه الصرف الصحي، خاصة في ولاية قابس.
وتوزعت التحركات جغرافياً لتتصدر ولاية القيروان المشهد بنسبة 24%، تلتها قفصة ونابل. وبحسب التقرير، فإن هذه الأرقام تعبّر عن هشاشة الوضع البيئي والاقتصادي، لا سيما في المناطق الداخلية التي تعاني من ضعف البنية التحتية وتهميش مزمن.
التعبير عن الغضب
تنوعت وسائل التعبير عن الغضب بين الاحتجاجات الميدانية (39%) والتحركات الرقمية (61%) التي اتخذت شكل نداءات عبر وسائل الإعلام، ووقفات أمام الوزارات، وبيانات على مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى أشكال تصعيدية مثل غلق الطرق.
وخلص التقرير إلى أن هذه التحركات ليست مجرد مظاهر غضب عابرة، بل نداءات استغاثة من مواطنين ومزارعين وصيادين، يطالبون بحقهم في الماء والبيئة النظيفة.
ودعا السلطات إلى معالجة جذرية للأزمة، وضمان الحق في موارد طبيعية مستدامة لجميع التونسيين، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من حقوق الإنسان.