"نساء ضد اليمين المتطرف".. بريطانيات يرفضن تحويل قضايا المرأة إلى أداة للعنصرية
"نساء ضد اليمين المتطرف".. بريطانيات يرفضن تحويل قضايا المرأة إلى أداة للعنصرية
في تصاعد جديد للجدل حول العلاقة المزعومة بين الهجرة والعنف ضد النساء في بريطانيا، صدرت رسائل وبيانات مفتوحة وقّعتها شخصيات بارزة ومنظمات حقوقية، لتدين محاولات اليمين واليمين المتطرف "تسليح" قضايا النساء والفتيات واستخدامها في خطاب الكراهية ضد اللاجئين والمهاجرين.
وكشفت صحيفة "الغارديان"، اليوم الثلاثاء، عن رسالة مفتوحة بعنوان "نساء ضد اليمين المتطرف"، وقّعتها موسيقيات مثل بالوما فيث وشارلوت تشيرش وأنوشكا شانكار، إلى جانب برلمانيات من حزب العمال والخضر ومستقلين، بينهم ديان أبوت وزارا سلطانة.
وأدانت الرسالة محاولات ربط جرائم جنسية مزعومة باللاجئين، مؤكدة: "نرفض أكاذيب اليمين المتطرف العنصرية حول حماية النساء والفتيات، إنهم ليسوا مدافعين عن المرأة، بل يستغلون العنف ضد المرأة لتأجيج الكراهية والانقسام".
وشددت الرسالة التي نسقتها منظمة "مناهضة العنصرية" على أنه "لا يوجد دليل على أن طالبي اللجوء أكثر عرضة لارتكاب أعمال عنف جنسي"، معتبرة أن كثيرًا منهم ناجون من العنف والحرب والاضطهاد، وأن تحميلهم المسؤولية يبعد النظر عن الجناة الحقيقيين وعن الأسباب الجذرية.
أكثر من 100 منظمة نسوية
من جانبها، نقلت، صحيفة "بايلاين تايمز" عن أكثر من 100 منظمة نسوية، بينها "أزمة الاغتصاب" و"مساعدة المرأة"، بيانًا يدين ما وصفته بـ"تسليح" العنف ضد النساء والفتيات لتأجيج الكراهية ضد المهاجرين.
شدد البيان على أن السياسيين ووسائل الإعلام ينشرون إحصاءات مشوهة لتصوير المهاجرين كتهديد، بينما تُهمل الأسباب الحقيقية للعنف، ومنها ما تشير إليه الأرقام الرسمية: أن 90% من جرائم الاغتصاب يرتكبها أشخاص معروفون للضحايا، وأن امرأة تُقتل على يد شريك كل أربعة أيام في المملكة المتحدة.
ونقلت الصحيفة البريطانية، عن سينيد جيوغيغان، المتحدثة باسم "تحالف إنهاء العنف ضد المرأة" (EVAW)، قولها إن اليمين المتطرف "استغل منذ فترة طويلة المخاوف بشأن العنف الجنسي لتعزيز أجندات عنصرية"، مضيفة أن الإعلام والسياسيين يعززون "أسطورة خطر الغرباء"، في حين أن الغالبية العظمى من الاعتداءات تحدث داخل الدوائر القريبة من الضحايا.
تيارات الكراهية
وفي رسالة أخرى أوردتها الغارديان، وقّعت أكثر من 200 منظمة خيرية ونقابية وحقوقية، منها "العفو الدولية" و"الحرية من التعذيب" و"أوكسفام" و"ائتلاف إنهاء العنف ضد المرأة"، بيانًا يطالب قادة الأحزاب البريطانية بإنهاء "تيارات الكراهية الخبيثة" التي تغذي الاحتجاجات المناهضة للمهاجرين.
جاء في الرسالة: "تقع على عاتقكم مسؤولية إنهاء سياسات الانقسام والخطاب العنصري ولغة الشيطنة التي سادت في الماضي، عندها فقط ستحققون الوحدة بدلاً من الانقسام والتماسك بدلاً من الكراهية".
أكدت الرئيسة التنفيذية لمنظمة "الحرية من التعذيب"، سونيا سكيتس، أن اللاجئين الذين فروا من التعذيب يواجهون في بريطانيا صدمات جديدة بسبب خطاب الكراهية الذي يغذيه سياسيون لتحقيق مكاسبهم، واصفة الأمر بأنه "ليس من طبيعتنا كدولة".
فجوة بين الخطاب والواقع
أبرزت "بايلاين تايمز" كذلك تناقضات لافتة، إذ أشارت إلى أن أعمال الشغب المناهضة للمهاجرين التي تلت مقتل فتيات في ساوثبورت شهدت أن خُمسي المعتقلين لديهم سوابق في العنف المنزلي، ما يقوّض خطاب المتظاهرين الذين ادعوا أنهم يدافعون عن النساء.
ولفتت الصحيفة إلى تجاهل الإعلام الممنهج للعنف ضد النساء المهاجرات أنفسهن، اللاتي يتعرضن لمخاطر مضاعفة بسبب وضعهن القانوني، حيث تُحرم كثيرات منهن من الدعم المالي وتجدن صعوبة في الإبلاغ عن العنف خوفًا من المعاملة كمجرمات هجرة بدلاً من ضحايا بحاجة إلى حماية.
وأوضحت جيوغيغان من تحالف EVAW في حديثها لـ"بايلاين تايمز" أن "حقوق الإنسان أساسية لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات"، محذّرة من تهديدات التراجع عن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وقانون حقوق الإنسان في بريطانيا، وأكدت أن أي نهج جاد لمكافحة العنف ضد المرأة يجب أن يركز على تمويل الخدمات، ودعم الضحايا، ومعالجة تراكم القضايا في المحاكم، لا على "إلقاء اللوم على المهاجرين".
ما بين رسائل البرلمانيات والفنانات في "الغارديان"، وبيانات المنظمات الحقوقية في "بايلاين تايمز"، والتحالفات الواسعة التي دعت لإنهاء "تيارات الكراهية الخبيثة"، يتجلى خطاب حقوقي واضح: العنف ضد النساء قضية حقيقية وملحّة، لكن استغلالها سياسيًا لتأجيج الكراهية ضد المهاجرين لا يخدم النساء ولا المجتمع، بل يضاعف الانقسام ويغطي على جذور المشكلة.