مجلس أوروبا يحذر من مخاطر ترحيل المهاجرين إلى دول ثالثة
مجلس أوروبا يحذر من مخاطر ترحيل المهاجرين إلى دول ثالثة
حذّر مجلس أوروبا، اليوم الخميس، دوله الأعضاء البالغ عددها 46 دولة، من السياسات المتزايدة لترحيل المهاجرين إلى دول ثالثة، مؤكداً أن هذه الإجراءات قد تعرّض المرحّلين لخطر التعذيب أو الموت، بما يحمله ذلك من تداعيات إنسانية خطيرة تهدد حياة آلاف الأشخاص الباحثين عن الأمان.
وأكد مفوض مجلس أوروبا لحقوق الإنسان مايكل أوفلاهيرتي في بيان رسمي، أن "مثل هذه السياسات قد تعرّض النساء والرجال والأطفال لانتهاكات جسيمة ومعاناة متواصلة"، مشدداً على أن مسؤولية حماية حقوق الإنسان لا تسقط بمجرد نقل ملف المهاجرين إلى دول أخرى.
ويُذكر أن مجلس أوروبا يعد هيئة رقابية تعنى بحقوق الإنسان والديمقراطية في القارة الأوروبية، وله دور محوري في مراقبة التزامات الدول الأعضاء بالقوانين والمعاهدات الدولية.
تجارب إيطاليا وبريطانيا
بدأت بعض الدول الأوروبية في السنوات الأخيرة اعتماد سياسات تهدف إلى نقل مسؤولية الهجرة خارج حدودها. ففي إيطاليا، أنشأت الحكومة العام الماضي مراكز استقبال للمهاجرين في ألبانيا تحولت لاحقاً إلى أماكن لترحيلهم، وهو ما أثار جدلاً واسعاً داخلياً وأوروبياً.
أما في بريطانيا فقد أوقفت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في عام 2022 خطة الحكومة لنقل مهاجرين إلى رواندا، معتبرة أن هذه السياسة تهدد حياة المرحلين وتفتقر إلى ضمانات الحماية القانونية.
جاء في تقرير لمجلس أوروبا صدر بالتزامن مع البيان، أن "سياسات الترحيل إلى الخارج قد تعرض الأفراد للتعذيب أو سوء المعاملة أو الاعتقال التعسفي، كما قد تشكل تهديداً مباشراً لحياتهم".
وحذّر التقرير أيضاً من أن هذه الإجراءات قد تحرم الأفراد من حقهم في طلب اللجوء، وتمنعهم من ممارسة الطعن القانوني في قرارات الترحيل، ما يُعد انتهاكاً واضحاً للمعايير الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
قرارات قضائية أوروبية
أيّدت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي في يوليو الماضي قرار قضاة إيطاليين بإعادة مهاجرين إلى إيطاليا بعدما جرى ترحيلهم إلى ألبانيا، في خطوة اعتُبرت بمثابة تأكيد على بطلان الإجراءات التي اتخذتها حكومة جورجيا ميلوني.
أما على صعيد التعاون الثنائي فقد وقّعت لندن وباريس اتفاقاً لإعادة المهاجرين إلى فرنسا، ودخل هذا الاتفاق حيّز التنفيذ الشهر الماضي.
ولم تقتصر هذه السياسات على القارة الأوروبية، بل امتدت إلى مناطق أخرى من العالم. ففي إفريقيا، وافقت أربع دول هي أوغندا ورواندا وإسواتيني وجنوب السودان على استقبال مهاجرين رُحلوا من الولايات المتحدة منذ عودة الرئيس دونالد ترامب إلى الحكم.
كما كانت السلفادور في أميركا الوسطى أول دولة توافق على استقبال مهاجرين مرحلين من الولايات المتحدة.
وخلال أربعة أشهر فقط، احتُجز 252 مهاجراً فنزويلياً في سجون مشددة الحراسة وُصفوا بأنهم "مجرمون"، ما أثار انتقادات حقوقية واسعة.
أزمة إنسانية متصاعدة
تسلّط هذه التطورات الضوء على أزمة متصاعدة تواجهها أنظمة اللجوء والهجرة في العالم، حيث تتزايد الضغوط على المهاجرين الهاربين من الحروب والفقر والكوارث البيئية.
ويحذر خبراء حقوق الإنسان من أن ترحيل المهاجرين إلى دول ثالثة لا يحلّ الأزمة، بل يفاقم المعاناة ويضع أرواح آلاف الأشخاص في مواجهة خطر دائم، في وقت تتصاعد فيه الدعوات الدولية لإيجاد حلول عادلة وإنسانية تضمن حقوق المهاجرين وتراعي كرامتهم.