أسطول غريتا ثونبرغ إلى غزة.. من يدعم جرائم الحرب يقف على الجانب الخطأ من التاريخ
بين الواجب القانوني وتهديدات القمع
قالت غريتا ثونبرغ إن على رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر "واجبًا قانونيًا بوقف الإبادة الجماعية في غزة"، وذلك أثناء سفرها على متن أسطول مساعدات متجه إلى القطاع، وفق ما أوردته الغارديان.
وأكدت الناشطة السويدية أن هناك "غيابًا كبيرًا لمن تقع على عاتقهم مسؤولية التدخل" بموجب القانون الدولي، ووجّهت انتقادًا مباشرًا لستارمر قبل اجتماع محتمل مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ.
وفي رسالة مفتوحة، قالت ثونبرغ "الكلمات التي سنستخدمها لوصف من يقفون على الجانب الخطأ من التاريخ، ويدعمون أو يرتكبون جرائم حرب، هذه الكلمات غير موجودة بعد"، لكنها شددت على أن هذه الكلمات ستوجّه لأشخاص مثل ستارمر إذا لم يتحمل مسؤوليته القانونية.
إبادة جماعية تُبث مباشرة
أوضحت ثونبرغ، بحسب الغارديان، أن الناس حول العالم "يستيقظون" على ما يحدث في غزة، ويرفضون "مشاهدة إبادة جماعية تُبث مباشرة"، وأضافت أن الحكومات في العالم "لديها واجب قانوني للعمل على منع الإبادة الجماعية وعدم دعم نظام الفصل العنصري".
ورفض مكتب رئيس الوزراء البريطاني تأكيد ما إذا كان ستارمر ينوي لقاء هرتسوغ، الذي سبق أن حمّل "الأمة الفلسطينية بأكملها" مسؤولية هجوم السابع من أكتوبر 2023.
وردّ متحدث باسم الحكومة البريطانية بأن الأولوية تبقى "وقفًا فوريًا لإطلاق النار، حماية المدنيين، وإيجاد طريق نحو سلام طويل الأمد"، مشددًا على أن السبيل الوحيد لذلك هو "حل سياسي يتناول الحوكمة والأمن والوصول الإنساني".
مهمة محفوفة بالخطر
انضمت ثونبرغ إلى مئات النشطاء ضمن أسطول الصمود العالمي، الذي يهدف إلى إيصال الطرود الغذائية وحليب الأطفال والإمدادات الطبية إلى غزة، حيث حذّرت الأمم المتحدة الشهر الماضي من أن المدنيين يواجهون "الموت جوعًا بكل بساطة".
وليست هذه هي المرة الأولى التي تشارك فيها ثونبرغ، فقد كانت على متن سفينة مادلين عندما اعترضتها السلطات الإسرائيلية في يونيو، قبل يوم واحد من وصولها إلى غزة.
وذكرت الغارديان أن سلامة النشطاء ليست مضمونة، إذ قُتل ما لا يقل عن عشرة ناشطين وجُرح آخرون في مهمات سابقة.
قالت الناشطة الألمانية ياسمين أكار، التي كانت على متن مادلين أيضًا، إن كثيرين يعتبرون هذه المهمة "انتحارية" وذهابًا إلى "بطن الوحش"، لكنها تساءلت: "لماذا نخشى على حياتنا بينما لا نحمل سوى المساعدات الإنسانية لشعب يتضور جوعًا؟".
وأشارت ثونبرغ إلى أن إسرائيل مُنحت "سلطة التصرف بشكل غير قانوني لعدم وجود عواقب من المجتمع الدولي"، مؤكدة أنه "وفقًا للقانون الدولي والمنطق السليم، لا يوجد أي مبرر على الإطلاق لمهاجمتنا".
درع الرأي العام
قال الناشط البرازيلي تياغو أفيلا إن الخطر قائم دائمًا، لكن أعين المجتمع الدولي وحدها تمنع قتل النشطاء، وأضاف أن "السبب الذي يدفعنا لمشاركة المهمة على وسائل التواصل هو أنها تبرزنا، ليس لأن إسرائيل لا تريد قتلنا، بل لأنها لا تستطيع تحمّل التكلفة السياسية لذلك".
واتهمت ثونبرغ إسرائيل بارتكاب جرائم حرب عبر "التجويع والقتل العمد للمدنيين"، وأشارت إلى مقتل 248 صحفيًا في غزة خلال 22 شهرًا،وقالت: "أي شخص لديه ذرة من الإنسانية يدرك أنه لا يوجد أي مبرر لأي من هذا، مهما كانت الحجج الملفقة".
أما صحيفة "نيويورك بوست" فقد أشارت إلى أن الأسطول اضطر للعودة إلى الميناء بعد ساعات من انطلاقه بسبب عاصفة جلبت رياحًا بسرعة 35 ميلًا في الساعة، وذكرت أن المنظمين قالوا في بيان: "أجرينا تجربة بحرية ثم عدنا إلى الميناء للسماح بمرور العاصفة".
وبحسب الصحيفة، فإن إسرائيل كانت بانتظار اعتراض الأسطول بخطة لاحتجاز النشطاء في ظروف "على مستوى الإرهاب"، بينما وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو العملية بأنها "حيلة دعائية" وليست عملًا إنسانيًا، كما سخرت إسرائيل من المهمة ووصفتها بأنها مجرد "يخت سيلفي".
وذكرت "أسوشيتد برس" أن الأسطول انطلق من برشلونة وعلى متنه مساعدات غذائية ومياه وأدوية، في أكبر محاولة حتى الآن لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض منذ 18 عامًا، ويضم نحو 20 قاربًا من 44 دولة، ومن المتوقع أن تنضم إليه سفن أخرى من موانئ إيطاليا وتونس.
وأوضحت الوكالة أن آلاف المؤيدين احتشدوا في رصيف برشلونة، بعضهم يرتدي الكوفية الفلسطينية، ملوحين بالأعلام الفلسطينية ومرددين هتافات مثل "حرروا فلسطين" و"قاطعوا إسرائيل".
غزة على حافة المجاعة
وبحسب أسوشيتد برس، فإن الحرب المستمرة منذ قرابة 23 شهرًا أودت بحياة أكثر من 63 ألف شخص، كما توفي 332 فلسطينيًا بسبب سوء التغذية، بينهم 124 طفلًا، وأكدت أن نصف مليون شخص يواجهون مستويات كارثية من الجوع، بينما تحوّلت مدينة غزة إلى منطقة حرب بعد تصعيد الهجوم الإسرائيلي.
وقالت ثونبرغ للوكالة: "من الواضح تمامًا أن إسرائيل تنتهك القانون الدولي باستمرار، سواء عبر مهاجمة القوارب أو منع وصول المساعدات".
وذكرت "أسوشيتد برس" أن الممثل ليام كانينغهام، المعروف بدوره في مسلسل "صراع العروش"، شارك في مؤتمر صحفي قبل الإبحار، حيث عرض مقطع فيديو لفتاة فلسطينية تخطط لجنازتها بنفسها، وقال: "أي عالم انزلقنا إليه حيث يقوم الأطفال بترتيبات جنازاتهم بأنفسهم؟".
وأكدت الوكالة أن أسطول "الصمود العالمي" هو المحاولة الرابعة هذا العام لكسر الحصار البحري، فقد تعرضت سفينة "كونشاينس" لهجوم بطائرات مسيرة في مايو، وتم احتجاز سفينة "حنظلة" في يوليو مع 21 ناشطًا وصحفيًا دوليًا، وصودرت حمولتها التي تضمنت حليب أطفال وأدوية.
بينما يصف النشطاء مهمتهم بأنها تحرك قانوني وحقوقي لوقف مجاعة "من صنع الإنسان"، تواصل إسرائيل رفض اتهامات الإبادة الجماعية وتقول إن عملياتها تستهدف "تدمير حماس وإنقاذ الرهائن"، وفي حين تتقاذف المواقف بين اتهامات بجرائم حرب ودفاعات رسمية عن "الأمن"، يبقى المدنيون في غزة في قلب معركة تتعلق بالحق في الحياة والوصول إلى الغذاء والدواء.