اغتصاب وقتل وتهجير.. الأمم المتحدة: حرب السودان شهدت جرائم ضد الإنسانية

اغتصاب وقتل وتهجير.. الأمم المتحدة: حرب السودان شهدت جرائم ضد الإنسانية
الأزمة في السودان- أرشيف

وثقت البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق المعنية بالسودان، الهجمات على المدنيين، مؤكدة أن طرفي النزاع (الجيش السوداني وقوات الدعم السريع) انتهكا القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، حيث شكلت معظم الانتهاكات جرائم حرب.

جاء ذلك في تقرير بعثة تقصي الحقائق المعنية بالسودان المقدم لمجلس حقوق الإنسان في دورته الـ60، التي تتواصل حتى 8 أكتوبر 2025، واطلع "جسور بوست" على نسخة منه.

وخلص تقرير اللجنة إلى أن سلوك قوات الدعم السريع والجيش السوداني قد يشكل جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك الاضطهاد والإبادة، داعيا إلى المساءلة وتحديد خارطة طريق للعدالة.

وتم تحديد الإطار القانوني المنطبق على السودان في تقارير البعثةK وصنفت البعثة النزاع الذي بدأ في منتصف أبريل 2023 على أنه نزاع مسلح غير دولي تكون القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع أطرافه الرئيسية. 

وشدد التقرير على أن الأطراف المتنازعة فشلت ليس فقط في حماية المدنيين والبنية التحتية، بل جعلت المدنيين أهدافًا رئيسية، ووثقت البعثة عنفًا واسع النطاق ضد الأفراد والمجتمعات، بما في ذلك عمليات القتل، والنزوح الجماعي، والاحتجاز، والاختفاء القسري، والعنف الجنسي.

وقالت البعثة إن كلا الطرفين المتحاربين استهدف المدنيين، وقد قُتل وأصيب المدنيون والأفراد الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية من خلال القصف والهجمات على مخيمات النزوح، ونقاط التفتيش، والطرق، والقوافل، وكذلك الهجمات الانتقامية، كما واجهوا التعذيب، والاحتجاز التعسفي، والعنف الجنسي.

الهجمات على المدنيين

ووصفت البعثة الأفعال التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، والتي وقعت في سياق ومرتبطة بالنزاع، بأنها تصل إلى جرائم حرب، بما في ذلك العنف ضد الحياة والأشخاص، ولا سيما القتل، وتوجيه الهجمات عمداً ضد المدنيين، وإجبار نزوح المدنيين، ونظرًا لطابعها واسع النطاق والمنهجي ووجود سياسة كامنة، قالت البعثة إن قوات الدعم السريع ارتكبت أيضًا جرائم ضد الإنسانية.

وأضافت البعثة في تقريرها، أن المدنيين كانوا مستهدفين من قبل كلا الطرفين، بسبب انتمائهم الفعلي أو المتصور للطرف الآخر.

وتلقت البعثة تقارير موثوقة لا تزال تحقق فيها، عن استهداف من قِبل القوات المسلحة السودانية لمجتمع الرزيقات العرب في سنار.

ووجدت البعثة أن الأطراف، نفذوا هجمات واسعة النطاق ضد المدنيين في شمال دارفور، والجزيرة، والخرطوم، واستُهدف المدنيون عمدًا. ووثقت البعثة عمليات قتل، بعضها على نطاق واسع، وإعدامات، وإصابة مدنيين. 

وشددت على أن هذه الأفعال تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي تتقاطع مع التمييز، بما في ذلك العنف ضد الحياة والأشخاص، وإهانة الكرامة الشخصية، وتوجيه الهجمات عمداً ضد المدنيين، وإجراءات تهدف إلى ترويع السكان.

عقاب جماعي وانتقام

سجلت البعثة عقابًا جماعيًا، وأعمالاً انتقامية، ونزوحًا. وكانت القوات المسلحة السودانية، في بعض الحالات بمشاركة مدنية، مسؤولة عن تدنيس الموتى. 

وقالت البعثة في تقريرها إن إعدام المدنيين أو الأشخاص دون ضمانات قضائية ينتهك القانون الإنساني الدولي، لافتة إلى أن هذه الممارسات تنتهك أيضًا القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحقوق في الحياة، والحرية، والأمان الشخصي، وضمانات المحاكمة العادلة والإجراءات الواجبة.

وأضافت أن القوات المسلحة السودانية ارتكبت جرائم الحرب المتمثلة في الإعدامات دون حكم سابق أو ضمانات قضائية، كما ارتكبت قوات الدعم السريع أيضًا جرائم ضد الإنسانية، ولا سيما القتل، والاضطهاد على أساس عرقي، والتهجير القسري، وأفعال لا إنسانية أخرى.

واضطرت أسر بعض المعتقلين إلى دفع فدية لتأمين إطلاق سراحهم. وأعدم حراس قوات الدعم السريع معتقلين، وكانت الاعتقالات التي نفذتها القوات المسلحة السودانية مع قوات الدعم السريع في المناطق التي استعادتها القوات المسلحة السودانية أو عند نقاط تفتيش الجيش، أوقف الكثيرين من الذين عاشواتحت حكم قوات الدعم السريع.

عنف جنسي واسع النطاق

تلقت البعثة حجمًا هائلاً من المعلومات والأدلة عن العنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب، والاغتصاب الجماعي، والإجبار على التعري، والاختطاف، والاستعباد الجنسي، والزواج القسري.

ووقع العنف الجنسي في جميع أنحاء مناطق النزاع في السودان بما في ذلك بحري، الفاشر، الجزيرة، الخرطوم، كردفان، كرنوي، نيالا، أم درمان وزيم زام. وحدث في الشوارع، والساحات العامة، والمنازل، والمباني المهجورة. وفي بعض الحوادث، اغتصب جناة يرتدون زي قوات الدعم السريع نساء وفتيات. 

وفي يونيو 2025، أوقفت ناجية كانت تهرب من الفاشر عند نقطة تفتيش تابعة لقوات الدعم السريع بين شقرا وطوية، أُخذت إلى مبنى مهجور، مع عدة نساء وفتيات أخريات تتراوح أعمارهن بين 15 و17 عامًا، حيث تم اغتصابهن جميعًا.

وقالت البعثة في تقريرها إن الزواج القسري هو شكل آخر من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، تم توثيقه خصوصا في الخرطوم والجزيرة بين مايو 2023 وديسمبر 2024.

الكل مذنب

وتلقت البعثة أيضا أدلة على أن أفراد القوات المسلحة السودانية ارتكبوا عنفًا جنسيًا في النيل الأبيض، النيل الأزرق، الخرطوم والولاية الشمالية، وتشمل الحوادث الموثقة الاغتصاب، والتحرش الجنسي، والتعذيب الجنسي للنساء والرجال.

ووجدت البعثة -حسب ما ورد في تقريرها- أن الهجمات على البنية التحتية الطبية أو في محيطها من قبل كلا الطرفين تسببت في الانهيار شبه الكامل لنظام الرعاية الصحية في جميع أنحاء السودان.

وخلصت البعثة إلى أن الأطراف انتهكت الحماية الممنوحة للمرافق الطبية والموظفين، فقد جعلت قوات الدعم السريع الوحدات الطبية، ووسائل النقل، والجرحى والمرضى أهدافا، وأجبرت الموظفين الطبيين على أداء مهام على أسس غير طبية، كما فشلت القوات المسلحة السودانية في اتخاذ تدابير كافية لتقليل تأثيرات الضربات الجوية والمدفعية على المدنيين والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمرافق الطبية.

وأكدت البعثة في تقريرها، أن النزاع تسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في السودان، تميزت بعنف لا هوادة فيه، وتدمير البنية التحتية، وانهيار أنظمة الغذاء، وعقبة متعمدة للمساعدات، مما ترك المدنيين في خطر حاد.

وقالت البعثة إنه لكسر حلقة الإفلات من العقاب بشكل فعال، يجب النظر في مجموعة من الخيارات لتحقيق العدالة وضمان المساءلة. 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية