تنبض بالتاريخ.. بلدة "أبو الحسن" السورية ذاكرة حية على ضفة الفرات

تنبض بالتاريخ.. بلدة "أبو الحسن" السورية ذاكرة حية على ضفة الفرات
بلدة "أبو الحسن" السورية- أرشيف

تقع بلدة "أبو الحسن" على ضفاف نهر الفرات في مقاطعة دير الزور بإقليم شمال وشرق سوريا، كأنها قطعة محفوظة من الزمن، تختزن في ذاكرتها ما لم تستطع الحروب ولا تقلبات السنين طمسه. 

وتمتاز البلدة بموقع استراتيجي جعلها عبر العصور ملتقى للطرق التجارية، ومركزاً لحضارات متعاقبة امتزجت فيها الزراعة بالثقافة، والكرم بالهوية، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الاثنين. 

ومن أبرز معالمها "تل أبو الحسن" الأثري، الذي لا يُعد مجرد تلة ترابية، بل وثيقة تاريخية تشهد على صمود الأجداد ونضالهم.

شهادة من أبناء البلدة

روت السيدة ماجدة الحزوم، وهي من أهالي البلدة، أن أبو الحسن تُعد من أهم بلدات دير الزور لما تحمله من تاريخ عريق وثقافة غنية، إضافة إلى موقعها على نهر الفرات. 

وأكدت أن البلدة كانت منذ القِدم نقطة التقاء للطرق التجارية والثقافية، ومشهورة بخصوبة أرضها وزراعة الهيل والفواكه والزيتون والتفاح والبرتقال والمشمش. 

وقالت: "البلدة مشهورة بالمضافات والكرم، وهي سمة توارثناها عن قبيلة عبيد التي استوطنت المنطقة منذ مئات السنين".

بلدة منذ عهد الصحابة

أشارت الحزوم إلى أن "تل أبو الحسن معروف منذ عهد الصحابة، وقد سُمّيت البلدة باسم جدنا الذي استشهد خلال مقاومة الاحتلال الفرنسي ودفن في هذا المكان". 

وأضافت أن التل لا يمثل فقط معلماً أثرياً، بل رمزاً للمقاومة والانتماء، ومع إطلالته على نهر الفرات، يجمع التل بين عبق التاريخ وروعة الطبيعة، ليبقى شاهداً على حقب متعددة من الحضارة والبطولة.

تحدثت الحزوم عن العادات الاجتماعية التي تميز البلدة، مشيرة إلى أن الاحتفال بالزواج يستمر ثلاثة أيام، يتخلله الرقص الشعبي على أنغام المزمار والدبكة، فيما ترتدي النساء أزياء تقليدية ويخبزن على التنور خلال الأعياد. 

وأضافت أن الأهالي كانوا يعبرون قديماً إلى المناطق المجاورة مثل الرمادي وبقعان عبر العبارات الخشبية والطراريد، ما عزز العلاقات التاريخية مع القرى المجاورة على ضفتي الفرات.

الكرم هوية متجذرة

أكدت الحزوم أن حسن الضيافة ظل ركناً أساسياً في هوية البلدة، إذ كانت أبو الحسن محطة رئيسية للتجار والضيوف القادمين من العراق وسوريا. 

وقالت: "الضيف لا يُترك جائعاً، وكان التنافس بين الأهالي قائماً على استقبال الغرباء وإكرامهم.. هذه عادات لا نقبل أن تختفي". 

وروت أن البلدة أنشأت ثلاث مضافات خلال فترة اللجوء لاستقبال النازحين، وأن الأهالي أعادوا بناء حياتهم بعد عودتهم رغم الظروف الصعبة، متمسكين بروح الكرم ومساعدة الآخرين.

المرأة عماد الضيافة

اختتمت الحزوم حديثها بالتأكيد على أن المرأة في أبو الحسن تتحمل منذ القدم مسؤولية الضيافة والحفاظ على التراث، وقالت: "نعتز بتراثنا وسنستمر بنقله إلى أبنائنا، ولن نفرط به مهما كانت الظروف". 

وبذلك تبقى أبو الحسن، بتاريخها وتراثها وكرم أهلها، شاهدة على أن الهوية الحقيقية لا تموت، بل تتجدد مع كل جيل يحافظ على جذور الأرض وذاكرة الأجداد.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية