المفوض الأممي لحقوق الإنسان يحذّر من انهيار القانون الدولي وقواعد الحروب

خلال افتتاح الدورة الـ60 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف

المفوض الأممي لحقوق الإنسان يحذّر من انهيار القانون الدولي وقواعد الحروب
المفوض الأممي، فولكر تورك

حذّر المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك، اليوم الاثنين، من الانهيار الخطير الذي يتهدد القانون الدولي وقواعد الحرب التي شكّلت لعقود طويلة أساس السلام والنظام العالمي. 

وجاءت تصريحات تورك، في افتتاح الدورة الستين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، حيث لفت إلى أن "التوجّهات التي تقوّض الحقوق الإنسانية تزداد انتشاراً على مستوى العالم"، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس".

وأدان تورك ما وصفه بـ"التآكل المقلق للقانون الدولي"، محذراً من أن القواعد الراسخة التي نظمت النزاعات المسلحة لعقود "تُمزّق بشكل متسارع، في ظل غياب شبه تام للمحاسبة". 

وأشار إلى أن تجاهل هذه القواعد لم يعد مجرد حالات فردية، بل أصبح سمة بارزة في عدد من النزاعات الدولية والإقليمية، من بينها الحرب الروسية في أوكرانيا، والحرب الأهلية الدائرة في السودان، والحرب الإسرائيلية المدمّرة على غزة، حيث تتكرر الانتهاكات الصارخة من دون رادع.

ظاهرة تمجيد العنف

عبّر المفوض الأممي عن قلقه من "تمجيد العنف" وانتشار خطاب الدعاية المؤيدة للحروب، مذكّراً أن هذه الظاهرة تعزز مناخات الصراع على حساب ثقافة السلام. 

وأشار في هذا السياق إلى "العروض العسكرية الضخمة والخطابات السياسية المتشددة"، في إشارة إلى العرض العسكري الأخير الذي أقامته الصين، وإلى قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تغيير اسم وزارة الدفاع إلى "وزارة الحرب"، وعلّق قائلاً: "للأسف، لا توجد عروض سلام أو وزارات سلام".

وانتقد تورك انسحاب بعض الدول من الأطر والمؤسسات متعددة الأطراف، بما في ذلك انسحاب الولايات المتحدة في عهد ترامب من اتفاقية باريس للمناخ وعدد من الهيئات التابعة للأمم المتحدة مثل مجلس حقوق الإنسان، واعتبر ذلك "أمراً مؤسفاً بشدة". 

وتطرق إلى العقوبات الأمريكية على القضاة ومدّعي المحكمة الجنائية الدولية، وإلى إصدار روسيا مذكرات توقيف بحقهم، إضافة إلى العقوبات الأمريكية على المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، واصفاً هذه الإجراءات بأنها "تضرب أساس العدالة الدولية".

التعاون العالمي في خطر

شدّد المفوض السامي على أن القانون الدولي ليس مجرد وثائق، بل هو "أساس السلام ونظامنا العالمي وحياتنا اليومية"، موضحاً أنه يمتد من قواعد التجارة والإنترنت وصولاً إلى أبسط الحقوق الإنسانية. 

وحذّر قائلاً: "عندما تتجاهل الدول الانتهاكات، فإنها تجعلها تبدو طبيعية"، مؤكداً أن بعض الحكومات تحولت إلى "امتداد للقوة الشخصية لقادتها". 

ونبّه إلى أن شبكة التعاون الدولي والإقليمي التي نسجها المجتمع الدولي على مدى عقود "بدأت تضعف تدريجياً"، وهو ما يشكّل تهديداً مباشراً للاستقرار العالمي.

استحضار دروس الماضي

في ختام كلمته، دعا تورك المجتمع الدولي إلى التمسك بالمسار التعددي والتعاون المشترك، محذّراً من العودة إلى "طرق التفكير البالية والمقاربات التي أدت إلى اندلاع حربين عالميتين والمحرقة". 

وأكد أن البديل عن احترام القانون الدولي هو الفوضى، والانزلاق إلى دوامة عنف لا تُبقي ولا تذر، مشدداً على أن حماية القانون الدولي تبقى الضمانة الوحيدة لبقاء النظام العالمي واستمرار قيم العدالة والسلام. 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية