110 آلاف قضية خلال عام.. تصاعد مقلق للعنف ضد النساء والأطفال بتركيا

110 آلاف قضية خلال عام.. تصاعد مقلق للعنف ضد النساء والأطفال بتركيا
رفض العنف ضد النساء والأطفال - أرشيف

سجلت تركيا في السنوات الأخيرة ارتفاعاً ملحوظاً في حالات العنف الموجه ضد النساء والأطفال، وسط غياب آليات حماية فعّالة وفقدان مراكز متخصصة توفر الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني للضحايا. 

وكشفت بيانات وزارة العدل التركية أن عام 2024 وحده شهد فتح 110 آلاف و139 قضية تتعلق بجرائم ضد الحصانة الجنسية، إلى جانب 38 ألفاً و639 قضية حول الاعتداء الجنسي ضد الأطفال، إضافة إلى 24 ألفاً و104 قضايا مرتبطة بـ"علاقات جنسية مع قاصر"، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، الاثنين. 

وتُظهر هذه الأرقام الحجم الكارثي للانتهاكات التي تطول الفئات الأكثر هشاشة، خصوصاً أن القوانين التركية تفصل بين "العلاقة الجنسية مع قاصر" وحالات الاستغلال الجنسي، ما يفتح ثغرات قانونية يستفيد منها الجناة.

جرائم تطول الأطفال

تضاعفت معدلات قتل الأطفال نتيجة هذه الثغرات، ففي يوليو 2025 قُتل ثلاثة أطفال، وفي أغسطس خمسة آخرون، ما يكشف استمرار دوامة العنف بلا رادع حقيقي. 

وترى الأخصائية النفسية هيلين أونوك أن هذه الجرائم لا يمكن تفسيرها كحوادث فردية أو نتيجة "غضب عابر"، بل تعكس عمق النظام الأبوي السائد، وعدم المساواة الاجتماعية، وسياسات الإفلات من العقاب.

وأوضحت أونوك أن الطفل يُعد الحلقة الأضعف في المجتمع، وأن النظرة التقليدية التي تعتبره "ملكاً للوالدين" تجعل العنف وسيلة مشروعة للانضباط. 

وأضافت أن تخفيف العقوبات القضائية، إضافة إلى اللغة الإعلامية التي تبرّئ الجناة وتُحمّل الضحايا اللوم، يسهمان في تطبيع العنف داخل المجتمع. 

ولفتت إلى أن المراهقين، بحكم بحثهم عن هوية وانتماء، يكونون أكثر عرضة للتلاعب النفسي من قبل المعتدين، الذين يوهمونهم بالحب والرعاية قبل السيطرة عليهم.

الإعلام وترسيخ الظاهرة

انتقدت الأخصائية النفسية اللغة التي تستخدمها بعض وسائل الإعلام، معتبرة أنها تُشرعن العنف ضد الأطفال والنساء، فبدلاً من إدانة الجناة، يتم تصويرهم على أنهم "مرضى نفسيون"، بينما يُلقى اللوم على الضحايا، مما يرسخ وعياً مشوهاً يجعل المجتمع يتعامل مع الجرائم على أنها أفعال طبيعية.

وأكدت أونوك أن القوانين التركية الخاصة بحماية الأطفال موجودة فقط على الورق، إذ يندر تطبيقها بشكل فعلي. كما أن مراكز مراقبة الأطفال قليلة، والمستشارون النفسيون في المدارس غير كافين، ما يحرم الضحايا من مشاركة تجاربهم الصادمة. 

واعتبرت أن تخفيف العقوبات بحجة "حسن السيرة" أو "التحريض غير المشروع" يقلل من الردع، ويعكس ضعف إرادة الدولة في مواجهة الظاهرة.

نحو حلول شاملة

شددت أونوك على ضرورة إدراج تعليم حقوق الطفل في المناهج الدراسية، وتعميم برامج التربية الأسرية الخالية من العنف، مع فرض رقابة صارمة على الإعلام. 

ودعت إلى توفير خطوط مساعدة طارئة وآليات لجوء آمنة للأطفال، إضافة إلى تطوير تقييمات نفسية واجتماعية شاملة تساعد في فهم الظروف التي تدفع بعض الأطفال إلى الانحراف.

خلصت الأخصائية إلى أن العنف ضد الأطفال ليس مأساة فردية أو عائلية فحسب، بل صدمة جماعية تهدد مستقبل المجتمع بأسره، إذ تزرع بذور العنف في الأجيال القادمة. 

وأكدت أن حماية حقوق الأطفال مسؤولية سياسية بالدرجة الأولى، وأن أي تقصير في منع الجرائم يعني توريث العنف جيلاً بعد جيل.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية