في مرمى العنف الرقمي.. النساء يواجهن تهديدات إلكترونية تهدد استقرار المجتمعات
في مرمى العنف الرقمي.. النساء يواجهن تهديدات إلكترونية تهدد استقرار المجتمعات
تتسارع خطوات التحول الرقمي في العالم، وتتشابك معه فرص جديدة للتواصل والعمل والمعرفة، لكن الوجه المظلم لهذا التطور يترك آثاراً عميقة على الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع، وفي مقدمتهم النساء.
وبينما يُفترض أن يشكّل الفضاء الإلكتروني مساحة للحرية والتعبير، يتحول في كثير من الأحيان إلى ساحة ترهيب، تترصد فيها التهديدات الإلكترونية بالنساء وتستهدف حياتهن اليومية، في ظل غياب منظومة قانونية ومجتمعية تضمن لهن الحماية والعدالة، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم السبت.
وتخلف التهديدات الإلكترونية آثاراً متزايدة على النساء، إذ تدفعهن إلى مواجهة يومية مع أنماط جديدة من الترهيب الرقمي، بدءاً من الرسائل المليئة بالابتزاز والتهديد، وصولاً إلى محاولات تشويه السمعة واستغلال الصور والمعلومات الشخصية.
وتؤدي هذه الانتهاكات إلى عزل النساء اجتماعياً، وحرمانهن من فرص المشاركة في الحياة العامة، كما تجعلهن أكثر عرضة للانكسار النفسي في ظل شعور دائم بالخوف.
وتسهم البيئة الرقمية في تكريس صورة غير عادلة، حيث يفلت المعتدون من العقاب، ويجدون في غياب المحاسبة بيئة آمنة للاستمرار بانتهاكاتهم.
خلل بنيوي في المجتمع
شددت مديرة مكتب حقوق الإنسان في حلبجة بإقليم كردستان، الناشطة الحقوقية كلستان محمد، على أن هذه التهديدات ليست مجرد مشاكل تقنية أو مرتبطة باستخدام الأجهزة، بل تمثل انعكاساً عميقاً لخلل اجتماعي متجذر.
وأوضحت أن المجتمع المحلي يعيش انقساماً بنيوياً يمنح الرجل سلطة اجتماعية مطلقة، في حين يفرض على المرأة الخوف والتهميش، بحيث تُغفر أخطاء الرجل بسهولة، في حين تُحاسب المرأة بقسوة على أي هفوة.
وأكدت أن المجتمع لم يقبل يوماً بخطأ المرأة، بل وجّه أزماته نحوها، الأمر الذي يدفعها إلى التنازل عن حقوقها تحت وطأة الخوف من فقدان مكانتها أو التعرض للإقصاء.
عنف يتجاوز الفضاء الرقمي
أظهرت شهادات نساء متضررات أن التهديدات الإلكترونية لا تبقى محصورة في العالم الافتراضي، بل تتسرب إلى حياتهن الواقعية، فقد تتحول الرسائل الرقمية إلى وسيلة للابتزاز المباشر، أو تُستخدم في الضغط الاجتماعي ضد المرأة داخل عائلتها أو مجتمعها المحلي.
ويُسهم هذا في مضاعفة هشاشة النساء، حيث يجدن أنفسهن هدفاً سهلاً للهجمات المزدوجة.. الرقمية والاجتماعية، ويؤكد خبراء أن هذه الظاهرة تكرس دائرة من الخوف والعزلة، وتُعزز ثقافة الصمت بدلاً من المقاومة.
ودعت الحقوقية كلستان محمد إلى تجاوز مرحلة الاكتفاء بالقوانين المكتوبة، مشددة على أن الحل يكمن في تعزيز الوعي المجتمعي وإشراك المؤسسات التعليمية والثقافية في التوعية بمخاطر العنف الرقمي.
الحاجة لآليات حماية
أكدت أن الإرادة المجتمعية والعدالة القانونية يجب أن تسيرا معاً، إذ لا يكفي أن توضع القوانين دون تطبيق، ولا أن يُترك الوعي دون آليات حماية فعلية.
وطالبت بتوفير منصات آمنة للنساء لتوثيق الشكاوى، وتشجيعهن على كسر الصمت، حتى لا تبقى هذه الجرائم بلا مساءلة، وحتى يتحقق التغيير الذي يضمن للمرأة حقها في الأمان والكرامة داخل الفضاء الرقمي وخارجه.