عملية "ميدواي بليتز".. سكان شيكاغو يدافعون عن المهاجرين في مواجهة المداهمات الفيدرالية
عملية "ميدواي بليتز".. سكان شيكاغو يدافعون عن المهاجرين في مواجهة المداهمات الفيدرالية
في مشهد متكرر يعكس توتر العلاقة بين سياسات واشنطن الفيدرالية وحقوق المهاجرين، أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية عن إطلاق عملية "ميدواي بليتز" في مدينة شيكاغو، هذه العملية التي تقودها إدارة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك (ICE) جاءت، بحسب خطاب إدارة ترامب، تحت غطاء مواجهة "الجريمة والعنف"، لكنها أثارت عاصفة حقوقية تتعلق بسلامة المهاجرين وحقوقهم الأساسية في الحماية والكرامة الإنسانية.
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست"، بدأت الاعتقالات في شوارع شيكاغو يوم الأحد، حيث احتجزت فرق الهجرة ما لا يقل عن خمسة أشخاص، بينهم بائع زهور معروف وأشخاص آخرون كانوا في محطة للحافلات أو يسيرون على الأرصفة.
وصف المدافعون عن المهاجرين هذه الاعتقالات بأنها "تصعيد" في أساليب إنفاذ القانون، إذ لم تعد تقتصر على أوامر تفتيش أو ملاحقة في المحاكم، بل امتدت إلى التوقيف العشوائي في الأماكن العامة.
وصرح المدير الأول للدفاع عن قضايا الترحيل في ائتلاف إلينوي لحقوق المهاجرين واللاجئين، ري وينسيس، لـ"واشنطن بوست" بأن ما يحدث يمثل "بداية التصعيد الكامل لدائرة الهجرة والجمارك في شيكاغو وإلينوي".
خلفية سياسية وقانونية
من جانبها توضح "أسوشيتد برس" أن هذه الحملة جاءت في إطار استهداف سياسات "مدن الملاذ الآمن" التي تتبناها شيكاغو وإلينوي، والتي تمنع التعاون بين الشرطة المحلية وسلطات الهجرة الفيدرالية، وتضيف أن وزارة الأمن الداخلي روجت للعملية على وسائل التواصل الاجتماعي، مستخدمة صورًا لـ11 رجلاً من المهاجرين المولودين في الخارج، مؤكدة أن هؤلاء يجب أن يُرحّلوا.
دافع الحاكم جيه بي بريتزكر، ومعه عمدة شيكاغو براندون جونسون، عن قوانين الملاذ الآمن واتهما إدارة ترامب باستخدام "أساليب الترهيب" ضد السكان اللاتينيين في ثالث أكبر مدينة أمريكية.
وفي بيان رسمي، قال بريتزكر: "مرة أخرى، لا يتعلق الأمر بمكافحة الجريمة، بدلًا من التعاون معنا في مجال السلامة العامة، تُركز إدارة ترامب على ترهيب سكان إلينوي".
تثير العملية أسئلة عميقة حول احترام الحقوق الأساسية للمهاجرين، فوفقًا لـ"واشنطن بوست"، فقد رصد نشطاء في المجتمع المدني زيادة في المكالمات على الخطوط الساخنة الخاصة بالعائلات المهاجرة منذ انطلاق العملية، وسط مخاوف من المداهمات وعمليات التوقيف العشوائي.
الناس يشعرون بالقلق
عبّر عضو مجلس المدينة، جيلبرت فيليجاس، عن القلق قائلاً: "يشعر الناس بالقلق من أنه إذا كانوا يسيرون في مكان ما، فسيُطلب منهم إبراز أوراقهم، كيف تستعد لمغادرة منزلك لضمان إمكانية العودة؟".
في المقابل، أكد ناشطون محليون أن المجتمعات بدأت بتنظيم نفسها لحماية العائلات، حيث أطلق الجيران أبواق سياراتهم للتحذير من دوريات ICE، وانتشرت مجموعات لتأمين وصول الأطفال إلى المدارس إذا كان آباؤهم يخشون الخروج من منازلهم.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن وزارة الأمن الداخلي أطلقت على العملية اسم "ميدواي بليتز" تكريمًا للشابة كاثرين أبراهام (20 عامًا) التي قُتلت في حادث سير ارتكبه مهاجر غير موثق كان يقود تحت تأثير الكحول.
وفي تصريحات رسمية، قالت المتحدثة باسم الوزارة، تريشيا ماكلولين: "لدى الرئيس ترامب ووزيرة الأمن الداخلي كريستي ل. نويم رسالة واضحة: لا توجد مدينة ملاذ آمن للمهاجرين غير الشرعيين المجرمين"، وأضافت: “إذا أتيتم إلى بلادنا بشكل غير قانوني وخالفتم قوانيننا فسنطاردكم ونعتقلكم ونرحلكم، ولن تعودوا أبدًا”.
وأثارت هذه اللغة الحادة انتقادات حقوقية، خاصة في ظل دراسات تشير إلى أن المهاجرين لا يرتكبون جرائم بمعدلات أعلى من المواطنين الأمريكيين، بل إن معدلات السجن بينهم أقل.
الانقسام السياسي والحقوقي
لم يخلُ المشهد من ردود سياسية قوية، حيث وصف السيناتور ديك دوربين العملية بأنها استهداف للمهاجرين "المجتهدين الذين لم يسبق لهم ارتكاب أي جرائم"، أما في "أسوشيتد برس"، فقد ذهب دوربين أبعد من ذلك معتبرًا أن هذه الإجراءات "لا تجعلنا أكثر أمانًا، إنها إهدار للمال، وتثير الخوف، وتمثل محاولةً فاشلةً أخرى لتشتيت الانتباه".
وقالت كارينا مارتينيز من مجلس حي برايتون بارك إن "الاعتقالات جرت في مساحة تبلغ نحو ميل مربع حول طريق رئيسي، وشملت رجالًا كبارًا في السن من أصول لاتينية، من بينهم بائع زهور شهير"، وأشارت إلى أن المجتمع ردّ بآليات دفاع جماعية، مؤكدة أن "في خضم هذه الفوضى، من الجميل حقًا رؤية المجتمع يبني آلياته الخاصة".
تُظهر تغطية واشنطن بوست وأسوشيتد برس أن ما يحدث في شيكاغو ليس مجرد عملية أمنية، بل هو جزء من صراع أوسع بين سياسات إنفاذ القانون الفيدرالي وحقوق الإنسان للمهاجرين، بينما تركز إدارة ترامب على خطاب "الجريمة" و"الأمن"، ويرى المدافعون عن حقوق الإنسان أن ما يجري هو استهداف مباشر لمجتمعات بعينها، بما يهدد الحقوق الأساسية في الحماية، ويزرع الخوف في الحياة اليومية لأسر كاملة.