آلية الخبراء الأممية: تحديات غير مسبوقة تهدد مستقبل التنمية العالمية

آلية الخبراء الأممية: تحديات غير مسبوقة تهدد مستقبل التنمية العالمية
مجلس حقوق الإنسان - أرشيف

في تقرير صادم قدمته آلية الخبراء المعنية بالحق في التنمية إلى الدورة الـ60 لمجلس حقوق الإنسان، التي تتواصل في جنيف حتى 8 أكتوبر 2025، كشفت وثيقة رسمية تراجعاً خطيراً في مؤشرات التنمية العالمية، حيث تواجه الدول النامية أزمات متعددة تهدد بانهيار التقدم المحرز خلال العقود الماضية.

وكشف التقرير الذي اطلع «جسور بوست» على نسخة منه، أرقاماً مفزعة تشير إلى ركود تام في التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وأظهر تقرير تمويل التنمية المستدامة لعام 2024 تراجعاً حاداً في فعالية التعاون الدولي، حيث انخفضت المساعدة الإنمائية الرسمية بشكل كبير، في حين تواصل أعباء الديون الخارجية خنق اقتصادات الدول الفقيرة.

ووصف الخبراء الوضع الحالي بأنه «أسوأ أزمة تنموية تشهدها البشرية منذ الحرب العالمية الثانية»، حيث تعاني 46 دولة منخفضة الدخل من أزمات ديون خانقة، في حين تواجه 60 دولة نامية نقصاً حاداً في التمويل اللازم لبرامج الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية.

تأثير العقوبات أحادية الجانب

وكشف التقرير الآثار المدمرة للتدابير القسرية أحادية الجانب على الحق في التنمية، حيث أظهرت البيانات أن هذه الإجراءات تسببت في خسائر اقتصادية تقدر بـ40 مليار دولار سنوياً للدول المستهدفة. 

وأكد التقرير أن هذه الإجراءات تعمق عدم المساواة وتقوض سيادة الدول وتقوض التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وسلط التقرير الضوء على التأثير الكارثي لتغير المناخ على الحق في التنمية، حيث كشف أن الدول الجزرية الصغيرة النامية، التي تسهم بأقل قدر في الانبعاثات العالمية، تتحمل العبء الأكبر للتغيرات المناخية. 

وتشير التقديرات إلى أن هذه الدول تخسر ما يصل إلى 20% من ناتجها المحلي الإجمالي سنوياً بسبب الكوارث المناخية.

وحذر التقرير من أن تغير المناخ يشكل تهديداً وجودياً للدول الجزرية الصغيرة، داعياً إلى تحول عاجل نحو الطاقة المتجددة وتمويل مناخي عادل يلبي احتياجات الدول الأكثر تأثراً.

المساواة بين الجنسين

وكشف التقرير فجوات صارخة في المشاركة الاقتصادية للمرأة، حيث أظهرت البيانات أن النساء ما زلن يمثلن 70% من فقراء العالم. 

وحذر التقرير من أنه “إذا استمر هذا المنحى، فإن غالبية النساء سيقعن في براثن الفقر المدقع بحلول عام 2040”.

وأشار التقرير إلى أن الموارد المخصصة لدعم تنمية المرأة لا تزال غير كافية، على الرغم من الأدلة الواضحة على أن المساواة بين الجنسين تمثل محركاً أساسياً للنمو الاقتصادي والتقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وكشف التقرير تراجعاً خطيراً في التعاون الإنمائي الدولي، حيث انسحبت جهات مانحة رئيسية مثل وكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية من العديد من البرامج التنموية. 

وأظهرت البيانات انخفاضاً حاداً في المساعدة الإنمائية الرسمية، ما يشكل تهديداً مباشراً للمكاسب التنموية المحققة وتعددية الأطراف.

وحذر التقرير من أن هذا التراجع يهدد بانهيار النظام التنموي الدولي، داعياً إلى تجديد الالتزام بالتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف والدولي لدعم الحق في التنمية.

تحديات تقوض الحقوق 

وأشار التقرير إلى مخاطر جسيمة تهدد التنوع الثقافي بسبب الذكاء الاصطناعي، حيث حذر من أن الذكاء الاصطناعي التواصلي يمكن أن يقوض الإبداع البشري ويؤدي إلى المجانسة الثقافية، خاصة في البلدان النامية والمجتمعات الضعيفة.

وسلط التقرير الضوء على خطر الاستيلاء على ثروات الشعوب الأصلية دون موافقتها أو تعويض كاف، ليس فقط في حالة المدعين ولكن أيضاً فيما يتعلق بثروات تقاليد الشعوب الأصلية التي تستغل من أجل الربح دون تعويض.

وكشف التقرير أزمة تنوع بيولوجي عالمية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتغير المناخ وحقوق الشعوب الأصلية. وأشار إلى أن الاتفاقات التجارية التي تعطي الأفضلية للبذور المحمية ببراءات اختراع تهدد التنوع البيولوجي وحقوق صغار المزارعين.

وحذر التقرير من أن خصخصة الموارد الجينية والهندسة الوراثية تؤدي إلى تآكل السيادة الغذائية والتنوع البيولوجي، داعياً إلى اعتماد إيكولوجيا زراعية وتنفيذ إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الفلاحين.

إنقاذ المستقبل التنموي

وقدم التقرير مجموعة من التوصيات العاجلة، منها  اعتماد صك دولي ملزم قانوناً بشأن الحق في التنمية، وإصلاح النظام المالي الدولي لمعالجة أزمة الديون، وتوفير تمويل مناخي عادل ومستدام للدول النامية.

بالإضافة إلى ضمان مشاركة فعلية للمرأة والشباب في صنع القرار، وتعزيز التعاون بين بلدان الجنوب تكملة للتعاون الإنمائي التقليدي، وتنظيم أنشطة الشركات عبر الوطنية لضمان احترام حقوق الإنسان.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية