اليوم العالمي لتنظيف البيئة.. عمل مشترك من أجل كوكب مستدام

يحتفل به في 20 سبتمبر من كل عام

اليوم العالمي لتنظيف البيئة.. عمل مشترك من أجل كوكب مستدام
نفايات على أحد الشواطئ - أرشيف

في كل عام، يتحول كوكب الأرض إلى ساحة عمل عالمية، حيث يتوحد ملايين المتطوعين من أكثر من 190 دولة ومنطقة تحت هدف مشترك: تنظيف البيئة والتصدي لأزمة النفايات، إنه اليوم العالمي لتنظيف البيئة، الذي لا يقتصر على كونه مجرد حدث لجمع القمامة، بل يتجاوزه ليصبح رمزًا للوعي البيئي والمسؤولية الجماعية، ويؤكد أن حماية كوكبنا مسؤولية لا يمكن لأحد التملص منها.

يمثل هذا اليوم، الذي يُحتفى به سنويًا في 20 سبتمبر، دعوة صريحة للعمل المشترك لمواجهة التحديات البيئية الكبرى، ويسلط الضوء على الآثار المدمرة للتلوث على صحة الإنسان والأنظمة البيئية.

لم يكن اليوم العالمي لتنظيف البيئة وليد قرار صادر عن هيئة دولية، بل انبعث من حركة شعبية طموحة بدأت في إستونيا، ففي عام 2008، أطلق مجموعة من المتطوعين الإستونيين مبادرة "دعونا نفعلها!" (Let's Do It!)، حيث اجتمع 50 ألف متطوع في يوم واحد فقط لتنظيف بلادهم من النفايات غير القانونية التي كانت متراكمة في الغابات والشوارع، هذا النجاح المذهل لم يقتصر تأثيره على إستونيا، بل أحدث صدى عالميًا وألهم مجتمعات أخرى لتبني الفكرة، وتحويلها إلى حركة عالمية أوسع نطاقًا.

وبفضل الجهود الدؤوبة لمنظمة "ليتس دو ات وورلد" (Let's Do It World)، التي قادت هذه الحركة، تم إطلاق اليوم العالمي لتنظيف البيئة حدثاً سنوياً في عام 2018.

وفي إطار هذا الجهد، حظي اليوم باعتراف رسمي من الأمم المتحدة، حيث أضافته الجمعية العامة في قرارها رقم 78/122 إلى تقويمها الرسمي، ليصبح حدثًا أمميًا يُحتفى به في 20 سبتمبر من كل عام.

يؤكد هذا الاعتراف الأممي الأهمية المتزايدة لهذا اليوم ودوره المحوري في أجندة التنمية المستدامة، ويعكس جهود الحكومات والمجتمعات على مر السنين في جهود التنظيف على مستوى العالم.

تحقيق التنمية المستدامة

تكمن أهمية هذا اليوم في كونه منصة قوية لزيادة الوعي بأزمة النفايات العالمية وتحفيز العمل الملموس، فالأهداف التي يسعى لتحقيقها تتجاوز مجرد جمع القمامة، لتشمل التصدي للتحديات البيئية الكبرى التي تهدد الكوكب، من أبرز هذه الأهداف:

تسليط الضوء على أزمة النفايات العالمية: 

حيث يُعدّ اليوم العالمي لتنظيف البيئة بمثابة انعكاس للجهود المبذولة على مدار السنين لمواجهة أزمة النفايات، وفقًا لبيانات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يفتقر أكثر من ملياري شخص حول العالم إلى إمكانية الحصول على خدمات جمع النفايات الأساسية، في حين يفتقر أكثر من ثلاثة مليارات شخص إلى مرافق للتخلص من النفايات أو استردادها تخضع للرقابة.

تؤكد هذه الأرقام المأساوية أن مشكلة النفايات ليست مجرد مشكلة بيئية، بل هي أيضًا قضية حقوقية واجتماعية تؤثر بشكل غير متناسب على الفئات الأكثر ضعفًا، وتستدعي اتخاذ إجراءات فورية لمعالجتها.

ربط التلوث بالأزمة الكوكبية الثلاثية: 

حيث يشير برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى وجود علاقة وثيقة بين سوء إدارة النفايات والأزمة الكوكبية الثلاثية: التلوث، وفقدان التنوع البيولوجي، وتغير المناخ.

تراكم النفايات والتلوث

تعمل هذه الأزمة على تسريع وتيرة تراكم النفايات والتلوث في جميع النظم البيئية، وتهدد توازناتها وصحتها، على سبيل المثال، يسهم التلوث بالمواد البلاستيكية في تدمير النظم البيئية البحرية، حيث يدخل ما لا يقل عن 14 مليون طن من البلاستيك إلى المحيطات سنويًا، ما يهدد حياة الكائنات البحرية ويدمر مواطنها الطبيعية.

تعزيز أهداف التنمية المستدامة: 

يعمل هذا اليوم على تعزيز أهداف التنمية المستدامة (SDGs)، وهي خطة الأمم المتحدة الشاملة لعام 2030 للقضاء على الفقر وحماية الكوكب وضمان الازدهار للجميع.

يسهم اليوم العالمي لتنظيف البيئة في تحقيق الهدف رقم 11، وهو "جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة"، وكذلك الهدف رقم 12، وهو "ضمان وجود أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة".

ويعد تحسين إدارة النفايات هو عنصر أساسي لتحقيق هذه الأهداف، حيث يمكن أن يقلل من التلوث، ويحسن من صحة المجتمعات، ويفتح فرصًا اقتصادية جديدة من خلال الاقتصاد الدائري.

حشد العمل الجماعي وتشجيع المسؤولية المشتركة: 

حيث يعد اليوم العالمي لتنظيف البيئة في جوهره، بمثابة دعوة للعمل الجماعي، فهو يشجع الأفراد والمجتمعات والشركات والحكومات على اتخاذ إجراءات ملموسة.

يوفر هذا اليوم منصة للعمل التطوعي المنظم، ما يثبت أن تضافر الجهود، ولو كانت فردية، يمكن أن يحدث فارقًا هائلاً، تعزز المشاركة في فعاليات التنظيف من الشعور بالمسؤولية المشتركة تجاه البيئة، وتُشجع على تبني ممارسات أكثر استدامة في الحياة اليومية، مثل ترشيد الاستهلاك، وإعادة التدوير، وتقليل النفايات.

ويُعد اليوم العالمي لتنظيف البيئة جزءًا من حركة عالمية أوسع تهدف إلى بناء مستقبل أكثر استدامة، حيث إنه يذكرنا بأن مستقبلنا مرهون بقدرتنا على العمل معًا لحماية كوكبنا، وأن كل خطوة صغيرة نحو بيئة أنظف هي خطوة نحو مستقبل أكثر استدامة وصحة للجميع.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية