جائزة "العيش الكريم" 2025.. تكريم للشجاعة والعمل الجماعي في مواجهة المناخ والحروب
شملت ناشطين ومنظمات من السودان وميانمار وتايوان
في لحظة عالمية تتصاعد فيها أزمات العنف السياسي، وتشتد تداعيات الكوارث المناخية، أعلنت مؤسسة "العيش الكريم" في ستوكهولم، الأربعاء، أسماء الفائزين بجائزتها لعام 2025، التي تُعرف عالمياً باسم "جائزة نوبل البديلة".
شملت القائمة ناشطين ومنظمات من السودان وميانمار وتايوان وجزر المحيط الهادئ، حيث يواجه الناس تحديات وجودية تتراوح بين الحرب والاستبداد والتهديدات المناخية والمعلومات المضللة، وفق شبكة "إيه بي سي نيوز" الأمريكية.
اختارت المؤسسة أربعة فائزين من بين 159 مرشحاً ينتمون إلى 67 دولة، مؤكدة أن هؤلاء يمثلون نموذجاً مضاداً لظواهر الاستبداد والانقسام، من خلال المقاومة والعمل الجماعي وبناء مسارات بديلة نحو مستقبل أكثر عدلاً.
العدالة المناخية
نال الشباب في منظمة "طلاب جزر المحيط الهادئ لمكافحة تغير المناخ"، بقيادة الناشطة جوليان أغون، الجائزة تكريماً لحملتهم الدولية التي أوصلت قضية المناخ إلى محكمة العدل الدولية، مطالبين بالاعتراف بالعدالة المناخية كحق إنساني، وتحميل الدول المسؤولية القانونية عن حماية مستقبل الشعوب والجزر المهددة بالغرق.
من ميانمار، فازت حركة "العدالة من أجل ميانمار"، وهي شبكة من الناشطين السريين الذين يخاطرون بحياتهم لكشف التمويل الدولي الذي يتدفق إلى المجلس العسكري، وعبر تحقيقات دقيقة وأساليب مبتكرة، وثّقت الحركة دور شركات متعددة الجنسيات في دعم جيش ميانمار المتهم بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين.
التكنولوجيا لخدمة الديمقراطية
أودري تانغ، وزيرة الشفافية الرقمية السابقة في تايوان والناشطة في مجال التكنولوجيا، حصلت على الجائزة تقديراً لجهودها في تسخير التكنولوجيا لتعزيز المشاركة الشعبية، وبناء أدوات رقمية تكافح التضليل وتعزز الشفافية والانسجام المجتمعي في بلد يواجه تهديدات وضغوطاً سياسية مستمرة.
أما في السودان فقد كُرمت شبكة "غرف الاستجابة للطوارئ"، وهي مبادرة يقودها المجتمع المدني منذ اندلاع الحرب والانهيار السياسي في البلاد، ونجحت الشبكة في تنظيم استجابات إنسانية مرنة، شملت توفير الغذاء والماء والرعاية الصحية والتعليم لملايين النازحين، في ظل غياب شبه كامل للمؤسسات الرسمية وصعوبة وصول المنظمات الدولية.
تاريخ الجائزة ورسالتها
أُسست جائزة "العيش الكريم" عام 1980 على يد الخبير الإنساني السويدي الألماني جاكوب فون يوكسكول، بهدف تكريم المبادرات التي لم تحظَ بالاعتراف الذي تمنحه جائزة نوبل، ومنذ ذلك الحين، كرّمت مئات الشخصيات والمنظمات التي قادت جهوداً في مجالات السلام، والبيئة، وحقوق الإنسان والتنمية.
قال أوليه فون يوكسكول، المدير التنفيذي للمؤسسة: "في ظل العنف والتطرف وتأثيرات تغير المناخ، يذكرنا الفائزون بجائزة 2025 بأن العمل الجماعي هو أقوى رد فعل إنساني"، وأضاف أن شجاعتهم ورؤيتهم المبتكرة "تمنح العالم لمسة من الأمل، وتفتح الطريق لمستقبل أكثر عدلاً وصلاحية للعيش".
إرث يمتد إلى نوبل
الجائزة التي تُعرف بلقب "نوبل البديلة" سبقت أن مهدت الطريق لفوز بعض الحاصلين عليها لاحقاً بجائزة نوبل للسلام، مثل الناشطة الأوكرانية أليكساندرا ماتفيوتشوك، والطبيب الكونغولي دنيس موكويغي، وكلاهما توج بجائزة نوبل في 2022 و2018 على التوالي، كما ضمت قائمة الفائزين السابقة الناشطة المناخية السويدية غريتا ثونبرغ.
وسيتم تكريم الفائزين في حفل يقام بالعاصمة السويدية في الثاني من ديسمبر المقبل، أي قبل أيام من إعلان الفائزين بجائزة نوبل.
ولم يتم الإعلان عن القيمة المالية للجائزة لهذا العام، لكن رمزية الاختيار وقوة الرسائل الإنسانية والسياسية التي تحملها، تجعلها من أبرز منصات الاعتراف بالنضالات العالمية في مواجهة الاستبداد وأزمات المناخ والحروب.